
Title | : | الماجريات |
Author | : | |
Rating | : | |
ISBN | : | - |
Language | : | Arabic |
Format Type | : | Paperback |
Number of Pages | : | 344 |
Publication | : | First published January 1, 2015 |
والمهمة فى معالجة هذا الموضوع مركبة, فنحن بحاجة إلى شخصيات علمية وفكرية ودعوية يكون لها موقف مفصل مدون تجاه إشكالية الإنهماك المفرط فى متابعة الأحداث, بحيث يمكن إعتباره "نموذجا فكريا", وفى ذات الوقت نحن مفتقرون إلى معايشة جزء من تجارب هؤلاء لنستثمره فى مداومة أسقام الدافعية التى ولدها الاستغراق فى الماجريات..
وسنحاول فى هذا الكتاب أن نستعرض الحدود الحاكمة لهذه الدراسة, ثم سنتعرض سويا لمنزلة الماجريات فى تصور علماء المسلمين, ثم سننتقل بعد ذلك إلى الماجريات الشبيكية والدراسات الحديثة حولها وعلائق طالب العلم بها. أما الماجريات السياسية فسنحاول فهمها من خلال دراسة نماذج علمية وفكرية جادة ومنتجة كان لها موقف من هذه الإشكالية.
الماجريات Reviews
-
ماهي الماجريات؟ شدني عنوان الكتاب وكنت أتساءل ما الذي سيتحدث عنه ابراهيم السكران هذه المرة؟
يتحدث السكران هنا عن مشكلة يعاني منها طلاب العلم (وغيرهم) وهي الانهماك في تتبع الأخبار والأحداث السياسية على شبكات التواصل وغيرها..
وكيف نوازن بين استخدامنا لهذه الشبكات وبين مهماتنا وواجباتنا العلمية والعملية..
وذكر عدة نماذج رائعة من العلماء الذين كان لهم دور في الإصلاح السياسي..
وأحببت أن ألخص ما قرأت في هذا الكتاب القيم لأستفيد منه وأُفيد ولكي لا أنسى ، فكثيراً ما أقرأ وأنسى.
في الفصل الأول تحدث عن ماهية الماجريات ومعناها في اللغة ، ومن هم الماجرياتيين وبواعث الماجريات.
في الفصل الثاني تحدث عن الماجريات الشبكية وإدمان مواقع التواصل الاجتماعية وتناول الموضوع من جانب نفسي واجتماعي مستعيناً ببعض الدراسات والبحوث الأكاديمية والعيادية حول هذا الموضوع.
في الفصل الثالث تحدث عن الماجريات السياسية واختار عينة للدراسة وهم النماذج الأربعة التالية:
النموذج الأول هو الشيخ البشير الإبراهيمي:
تحدث فيه عن بدايته في طلب العلم وعن برنامجه المكثف الذي وضعه له عمه (العالم الشيخ محمد المكي الابراهيمي)، وكان يشرف عليه في يقظته ومنامه وطعامه ، وكان لا يفوّت دقيقة واحدة لا يدرّسه فيها..
حتى أتم حفظ متون كثيرة مهولة لا يكاد يستوعبها العقل المعاصر..
ثم بعد وفاة عمه انتقل إلى المدينة المنورة وكانت إقامته بالمدينة أيام خير وبركة عليه، فكان يلقي الدروس العلمية ، ويتردد على المكتبات حتى استوعب معظم كتبها النادرة..
وبعد سنوات من الانكباب على القراءة وطلب العلم، بدأ الشيخ مشروعه الإصلاحي في بلده الجزائر أيام الاستعمار الفرنسي ..
وتعرض الشيخ لأنواع الأذى والابتلاء من الاستعمار الفرنسي ومنه محاولة شراء الذمة، ثم التهديد، ثم التنفيذ الفعلي، والتغريم المالي، والنفي، والاعتقال، والإيذاء النفسي والبدني...الخ
ما يستفاد من هذا النموذج أن الإصلاح السياسي لا يقتصر على الاشتغال المباشر بالجدل حولها، بل إن بث العلم وبناء الأخلاق في المجتمع هو أهم عوامل الإصلاح السياسي ..
وأن استغلال المرحلة الذهبية "فترة الشباب" بالتحصيل العلمي وعدم الانهماك في دوامة الماجريات ، ساعد الشيخ البشير على نجاح مشروعه الإصلاحي.
النموذج الثاني هو مالك بن نبي:
قسم مالك بن نبي حياته إلى 4 مراحل وأطلق على كل مرحلة لقباً خاصاً.
وهي : مرحلة الطفولة - مرحلة الطالب - مرحلة الهائم المنبوذ - مرحلة الكاتب
بدأ مرحلة الكاتب ونشر كتبه باللغة الفرنسية فنشر أولاً كتابه الظاهرة القرآنية ثم رواية لبيك، ثم كتابه شروط النهضة..
وتدور موضوعات مالك بن نبي التي عالجها حول سؤالين رئيسيين :
- كيف نقاوم الاستعمار؟
- كيف ننشئ الحضارة؟
ومن الأفكار الهامة لدى مالك بن نبي أن الحضارة ينبوعها الدين ..
من أقواله: "سوف نصل في النهاية -إذا تتبعنا كل مظهر مدني من مظاهر الحضارة الغربية- إلى الروابط الدينية الأولى التي بعثت تلك الحضارة، وهذه حقيقة كل عصر، وكل حضارة"
أما عن موقف مالك بن نبي من الماجريات السياسية والانهماك في الواقع السياسي فيقول أن المفتاح الأساس الذي خلب المجتمع للخطابات السياسية وصرفه عن الإنتاج الفعلي هو "شعار الحقوق الجذاب" ويعلل ذلك بأن الطبيعة البشرية يغريها الحديث عن حقوقها أكثر من التزاماتها، وكان مالك يرى أن المسار الصحيح أن يكون مركز الخطاب هو استنهاض الأمة للقيام بـ الواجب وليس إشباع رغباتها بالحديث المغري عن "الحقوق"
النموذج الثالث هو أبو الحسن الندوي:
الذي نشأ في أسرة تهتم بالعلم والمعرفة، فوالده هو العالم المؤرخ عبدالحي الحسني، و والدته أيضاً لها مؤلفات علمية، وإخوانه وأخواته من المعتنين بالعلم ولهم عدة منشورات..
درس الشيخ أبو الحسن اللغة الأوردية والفارسية، ثم اللغة الانجليزية، ثم انصرف إلى دراسة اللغة العربية، وتبحر في دراسة الآداب العربية وكتب الحديث النبوي كالصحيحين والترمذي وأبي داوود..
لقب بالندوي لأنه ينتمي إلى ندوة العلماء التي أنشأها جمع من علماء الهند.
من أشهر مؤلفات الشيخ كتابه المعروف "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" وتحدث السكران عن عنوان الكتاب وسبب اختيار الشيخ لهذا العنوان.
ثم تطرق للحديث عن موقف الشيخ الندوي من الماجريات السياسية ودوره في الإصلاح السياسي.
النموذج الرابع هو الدكتور عبدالوهاب المسيري:
بدأ الباحث بالحديث عن بعض منجزات الدكتور المسيري الفكرية وأشهر أعماله وخصوصاً عمله في الموسوعة "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية" والضغوطات التي واجهها في تلك الفترة.
وأما عن موقف المسيري من الماجريات، فهو يرى أن متابعة الأحداث والماجريات اليومية عبر الإعلام تجرّه إلى دوامة الوقائع والأحداث، فتشل قدرته على الإنتاج، وبسبب قناعته هذه فقد قرر الانعزال، و أن تكون متابعته للأحداث السياسية واليومية ثانوية، بل قرر أيضاً تحاشي الكتابة عن الماجريات السياسية، فهي في نظره تلتهم الوقت وتؤثر على التفكير.
النموذج الرابع د. فريد الأنصاري:
تحدث المؤلف عن تجربة الدكتور فريد بشكل مفصل وتناول بعض الجوانب المهمة في حياته.
( في هذا النموذج أصبت بحالة "فقدان الشهية للقراءة" فتركت الكتاب لمدة أسبوعين ثم عدت من جديد وأكملته، ولعلي لم أستوعب بعض الأمور جيداً، لذلك لم أتمكن من تلخيصه.)
الخاتمة..
"بعد هذه الجولات في الماجريات الشبكية والفكرية والسياسية تبقى المسألة أولاً وأخيراً مسألة "توازن" ويجب أن لا نستسلم لحالة الانجراف في دوامة الماجريات بسبب تتابع كثير من الناس على ذلك.. ويجب أن تكون هناك نقطة توقف تعاد فيها الحسابات بشكل دقيق..
فلا شيء أكثر حزنا من أن يتوهم الماجرياتي أنه في قلب عملية التغيير وفقه الواقع وهو مجرد مراقب ومتفرج لا غير"
.
.
هذا الكتاب وهذه النماذج الرائعة جعلتني أعيد ترتيب أولوياتي من جديد.. وأعيد التفكير في استثمار حياتي واستغلال أوقات الفراغ في تكوين نفسي لأكون قادرة على الإنتاج والعطاء. -
.في إحدى محاضرات م. أيمن عبد الرحيم سمعته ينصح بالكتاب-وثقتي بترشيحاته كبيرة- ويقول ( الكتاب ده لو حد يقدر يقراه كل يومين تلاتة يعني يقراه ويختم يقراه ويختم.. ) سألت نفسي عن أي شيء يتحدث ذلك الكتاب ليكون بمثل هذه الأهمية ، قررت أن أبدأ به العام وأرى لأي مدى ستكون بداية موفقة، وهنا كانت المفاجأة فوجدت الكتاب هو أجمل ما يفتتح به العام وسأعتبره مُلهمي في خطواتي القادمة إن شاء الله..
•الماجَرَيَات: وهي كلمة تعني الأحداث والوقائع والأخبار..
يتناول الكتاب بالشرح والتحليل الماجريات الشبكية والماجريات السياسية وتحديداً في الماجريات السياسية يورِد موقف علماء ومفكرين حذّروا من الاستغراق في الماجريات وهي تحذيرات من واقع التجربة والممارسة وليست تنظيرية عامة ..
في مدخل الكتاب يصور الكاتب مشهد أكاد أجزم أنه ليس منّا من لم يعشه يوماً إن لم يكن كل يوم..
• تمييزات الكتاب الحاكمة
١-التمييز بين فقه الواقع والغرق في الواقع
٢-التمييز بين المتابعة المتفرجة والمتابعة المنتجة
٣-التمييز بين المتابعة زمن التحصيل والمتابعة زمن العطاء
٤-التمييز بين توظيف الآلة والارتهان للآلة
٥-التمييز بين فصل السياسة ومرتبة السياسة
من خلال خمسة نماذج عظيمة اتخذت طريقاً جاداً في العلم يعرض الكاتب فكرته الرئيسية وهي الوصول لحالة التوازن فيما نتحصل عليه من العلوم وترتيب هذه المعارف من الأهم فتكون له الأولوية والسبق بهدف الاهتمام بما ينفعنا وفي دائرة تأثيرنا وذلك في فترة الشباب وهي الفترة الذهبية في التحصيل العلمي، وتجنب الانشغال بماجريات الأمور والانجراف في دوامتها والأسوأ ان نتوهم أننا في دائرة التأثير ونحن نجلس في مقعد المتفرجين ..
قسم الكاتب كل نموذج إلى قسمين: الأول هو محيط النموذج الذي نتعرف من خلاله على إنتاج هذا النموذج ومكانته العلمية، والثاني هو مكونات هذا النموذج وأدواته في تحديد علاقة السياسة بالعلم .
النموذج الأول: هو البشير الإبراهيمي (لباب السياسة وقشورها)
ونموذج البشير الإبراهيمي كان الأكثر إلهاما هو ونموذجيّ أبي الحسن الندوي و عبد الوهاب المسيري
فتاريخه العلمي كان استثنائيا بحق، منقطعا للعلم، تلقى تربية علمية عظيمة يكفي أنه ما بين السابعه والتاسعة كان يحفظ ويفهم القرآن ومعه ألفية ابن مالك ومعظم الكافية وألفيه ابن معطي والكثير مما لا يتسع المجال هنا لذكره..
وأيضا دوره العظيم في الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي للجزائر وتحذيره من الطرقية الصوفية التى كانت تدعو للاستسلام للمستعمر.
• ناقش الماجرياتيين السياسيين من خلال إعادة تعريف السياسة ذاتها بتقسيمها إلى لباب وقشور فاللباب هو العلم والتربية وبناء الأمة أما القشور فهي الاستغراق في الماجريات السياسية.
النموذج الثاني: هو نموذج مالك بن نبي (الدروشة السياسية)
من خلال مفهوم الدروشة السياسية يبدو أن مالك بن نبي أكمل طريق البشير في تحذيره من الطريقة الصوفية ولكن بطريقة أخرى.
كان لمالك بن نبي سؤالين هما الأهم في معالجاته
-كيف نقاوم الاستعمار؟
-كيف ننشئ الحضارة؟
وابتكر مصطلحه الشهير «القابلية للاستعمار».
• ناقش الماجرياتيين السياسيين في مستوى «التأصيل الفكرى» لهذا الاشتغال الماجرياتي السياسي وكشف أن من توهم أن النهضة والحضارة والتقدم تكون بالاشتغال الماجرياتي السياسي والمطالبة بالحقوق المجردة فهو يعيش حالة «دروشة سياسية» وإنما تتحقق النهضة والحضارة من خلال العمل والإنتاج في الواقع والمجتمع.
النموذج الثالث: أبو الحسن الندوي (التفسير السياسي للإسلام)
ناقش الموضوع على مستوى «التأصيل الشرعي» وخطأ رفع الاهتمام الماجرياتي السياسي إلى درجة جعل غاية الأنبياء ومقصود الشرائع هو المشروع السياسي
النموذج الرابع: عبد الوهاب المسيري (السياسة الحدثية)
تحدث في تجربته الثقافية أن الانهماك الماجرياتي والانخراط في دوامة الآحاد والأعيان والأحداث اليومية يشوش التفكير الكلي ويقلص القدرة على إبداع المفاهيم والمنظورات والتعقيدات والتأصيلات العمومية فضلاً عن أنه يختلس الوقت
يذكر الكاتب موقف المسيري أثناء تأليف موسوعته العلمية أن حرب 67 و73 حدث فيهما ما حدث وهو لم يفتح الجريدة أو ينظر للتلفاز وإنما أكمل برنامجه الانعزالي المؤقت لإنجاز مؤلفه دون الانشغال بالماجريات.
النموذج الخامس: د. فريد الأنصاري (التضخم السياسي)
فريد الأنصاري كان أقل النماذج تأثيراً أثناء قراءتي لسبب لا أعلمه بالرغم من أهميته كنموذج لتدعيم فكرة الكتاب والمعلومات الكثيرة والمهمة التى ذكرها الكاتب عن الحركات الإسلامية والحزبية في المغرب.
يقول الأنصارى عن الشباب «ما زالت بهم الماجريات...حتى تحولوا من دعاة يوظفون السياسة لإصلاح المجتمع إلى مجرد أدوات توظفهم السياسة للتربيت على الغطيط الاجتماعي».
• فيما يخص العلاقة بين الدعوة والسياسة حذّر من التعصب للهياكل الحركية والكتب الفكرية المعينة، وتشابهت فكرته التي تقول"إن تطهير أنفسنا من الفساد له الأولوية على مواجهة فساد النظام السياسي مباشرة لأن الأول هو سبب الثاني" مع فكرة مالك بن نبي " أن تطهير أنفسنا من الاستعمار له الأولوية على مواجهة الاستعمار لأن الأول هو سبب الثاني".
• نقد إبراهيم السكران لأفكار هذه النماذج كان أرقى وأجمل ما في الكتاب وينبئ عن قارئ عظيم، أمين ومدقق في كل كلمة يقرأها ويكتبها.
خلص الكتاب إلى عدة نقاط وهي (الاستنامة للواقع)، (فكرة الصوم عن الأخبار)، (امتيازات الفتوة العلمية)، (الغيرة على الزمن)، (الزمن كأنفاس)، (القياس إلى فضول العلم) ،(مصارف طاقة التفكير)، (استبحار العلم)
بالطبع ليس أجمل من الكتاب سوى لغته العذبة.
أختم ببيت ابن معطي:
وبعد فالعلم جليل القدر وفي قليله نفاد العمر
فابدأ بما هو الأهم فالأهم فالحازم البادئ فيما يستتم
Sat,Jan9,2021📚💕
.. -
-
إبراهيم السكران يأسر قراءه بعمق التحليل وسعة الاطلاع وجزالة السبك والنفاذ إلى أخفى بواطن النفس.
فوجئت بالاستطراد والتوسع في عرض أفكار بعض العلماء والمفكرين، وحتى مناقشتها، وهو عرض شائق ومفيد غير أنه خارج عن موضوع الكتاب.
قد أختلف معه في ما لا يضر، ومع ذلك أصنف هذا الكتاب في فئة ما لا بد منه. -
بعدَ مسلكيات ومع القرآن هذا الكتابُ الثالثُ لي مع السكران، ويشدُّني دائما ما يكتبهُ لأمرينِ الأول منهما جمالُ لغتِه بتراكيبِه الفريدةِ، والثاني أنه يتناولُ فكرةً معينةً أساسيةً ويفرعُ منها ويستشهدُ عليها ما يدعمُ رأيَه فيها؛ مما يدلُّ على طولِ باعٍ وسعةِ اطلاعٍ في الموضوعِ المبحوثِ
ماجريات عنوانٌ غامضٌ في البدايةِ، سرعان بعدها ما اتضحَ لي فهو في أساسه مكون من كلمتي "ما جرى"؛ ليحصلَ التطورُ للكلمةِ من تخفيفٍ ودمجٍ لتصلَ ما انتهتْ إليه، مقدمةُ الكتابِ ركزتْ على الماجريات الفكريةِ والاجتماعيةِ وهي أكوتْ الجميعَ بنارِها ولم يسلمْ منها إلا القليلُ، فتسميرُ العيونِ لمتابعةِ كل جديدٍ ومتابعةِ التعليقِ على الحدثِ والتعليقِ على التعليقِ أصبحَ ديدنٌ تستمرأهُ النفسُ، ويصبحُ الجديةُ في الطلبِ والانكبابُ على انجازِ مشروعاتٍ فعالةٍ في الهامشِ، هذه الفكرةُ أساسيةٌ في الكتابِ ويدورُ مدارُه كله حولَها، على أنَّ النماذجَ التي ذكرَها تركز على الماجرياتِ السياسيةِ -
عندما بادرتُ بقراءة الكتاب وتعرفت على معنى الماجريات وهى الأحداث والوقائع والأخبار ، خاصة فيما يتعلق بالمجريات الشبكية ، قلت لنفسي هذا الكتاب ليس لي ، فأنا قاطعتُ كل وسائل التواصل منذ سنوات ليست بالقليلة ، عندما سأمت من الجدالات العقيمة ، والمُهاترات الفكرية ، التعليقات التافهة ، والنقاشات السياسية بلا طائل من وراءها...دوامة يتفاقم دورانها يوماً بعد يوم تعتصرني وتختلس الوقت اختلاساً خاطفاً....وياليت الأمر اقتصر على الوقت بل الروح باتت أسيرة لواقع افتراضي بائس...
كان لابد من قرار حاسم دون التلفت للوراء ، وإستعادة الروح واغتنام الوقت بعيداً عن كل هذا الهراء....
لربما تسبب ذلك في عزلة نسبية عن الواقع وأصبحتُ لا أدري شيئاً عن مُجريات الأحداث إلا من صديقاتي وفي صباح اليوم التالى لحدوثها....لم يعد يتملكني الشعور بالانزعاج أو الضيق ، بل حالة من التحرر من الاستغراق في الماجريات التي لا جدوى من وراءها إلا اللهاث والدوران في فلكها اللانهائي....
وبالرغم من ذلك إلا أن الكاتب الكريم يملك أسلوباً آخاذاً ماتعاً في التعليق بحيث يستقطب القاريء للمتابعة حتى النهاية ، وإن كانت المادة المطروحة ثقيلة خاصة بتناولها الماجريات السياسية والتمييز بين المتابعة المُتفرجة والمتابعة المُنتجة وذلك بتقديم نماذج من شخصيات مرموقة علمياً وإصلاحياً ودعوياً عاشت الإنتاج الجاد في تجاربها الحياتية وتقديمها لحاجتنا لمعايشة الخبرات كوسيلة تضميد لجراحات الدافعية...وإنعاش الحيوية العلمية والعزيمة الاصلاحية لتستعيد نبضها الطبيعي....
🍃 الشيخ البشير الإبراهيمي : الإصلاح السياسي لا يقتصر على الاشتغال المباشر بالجدل حولها بل بث العلم وبناء الأخلاق في المجتمع أهم عوامل الإصلاح السياسي...
🍃 مالك بن نبي : تبنى التأصيل الفكري باستحثاث الوعي على الإلتفات إلى العمل والإنتاج في صياغة الواقع بالعلم والعمل وهذا هو ما عليه الرهان وهو مقتضى التوازن...
🍃 أبو الحسن الندوي : تبنى التأصيل الشرعي وقد تصدى حالات التصعيد فى التورم الماجرياتي السياسي والذي تجاوز بتأويل الاسلام بأن غرضه المشروع السياسة وأوضح المآلات الخطيرة لذلك..
🍃 المسيري : تبنى العزلة النسبية والانفصال المؤقت عن الواقع ، أحببت مقولته " أنا أفكر إذن أنا غير موجود " ، يكفي الإطلاع على مجملات الأحداث ولابد من وضع مسافة فاصلة متوازنة بين المثقف المفكر وبين الماجريات اليومية ليتمكن من التفكير المنظم والإنتاج الفاعل...
🍃 فريد الأنصاري : التحذير من التعصب للهياكل الحركية والكتب الفكرية باعتبارها وساطة تربوية لا توحيد ، نقد ظاهرة التضخم السياسي ودعا إلى التنظيم الفطري ، ورأيته نموذجاً يعتريه عدد من الاستشكالات وهذا لا يقلل من دوره الفعال في الجانب الدعوي...
أخيراً...نحن بحاجة إلى إعادة النظر فيما يخص علاقاتنا مع الماجريات ، لا نغفل مُضي الوقت فيها على حساب التزكية الإيمانية للنفس ، لابد من تدقيق النظر بدواخلنا بدلاً من التحديق في الشاشات....
البحث عن المعنى بدلاً عن الجري في تسلسل التصفح الذي يعصف بكيان المرء ، التزود بالعلم المُثمر بدلاً عن الغرق في الترهات الفارغة....
ولا أجد أبلغ من كلام ابن القيم :
" وأنفع الفكر : الفكر في مصالح المعاد ، وفي طرق اجتلابها ، وفي دفع مفاسد المعاد وفي طرق اجتنابها وقياساً عليها فيما يخص مصالح الدنيا ومفاسدها...
ودع عنك الأفكار الرديئة التي تجول في قلوب أكثر الخلق ، ومنها الفكر في جزيئات أحوال الناس وماجرياتهم ، ومداخلهم ومخارجهم ، وتوابع ذلك من فكر النفوس المبطلة الفارغة من الله ورسوله والدار الآخرة "..... -
كتاب الماجَرَيات من جمع (ما جرى)
كتاب بوصلي بمعنى الكلمة -اشتققتها من بوصلة-
يبحث الكتاب في السبعين صفحة الأولى في الانغماس بمواقع التواصل الاجتماعي والمتابعات الإخبارية والتعليق على الخبر والتعليق على التعليق والغرق في متابعة المهاترات الفكرية والجزئيات هنا وهناك وتطرّق للإدمان الالكتروني وأعراضه وأتى بدراسات تدلّ على اطلاعه الواسع.. أتى بمصطلحات من قبيل (تسلسل التصفح) و (الخبر المتدحرج)..
وناقش هل على طالب العلم أن يكون لديه فقه واقع أم غرق في الواقع.. توصيف الآلة أم الارتهان للآلة..
أيضا، التمييز بين فصل السياسة ومرتبة السياسة..
وعلى هذه النقطة بنى بقية الكتاب بدراسة خمسة نماذج:
1) نموذج البشير الإبراهيمي (لباب السياسة وقشورها)
2) نموذج مالك بن نبي (الدروشة السياسية)
3) نموذج أبي الحسن الندْوي (التفسير السياسي للإسلام)
4) نموذج عبد الوهاب المسيري (السياسة الحدثية)
5) نموذج فريد الأنصاري (التضخم السياسي) -واسترسل معه أكثر لغنى تجربته-
وهذه النماذج الخمسة هي لب الكتاب، فتبحر مع الكاتب في استعراض رائع لـ: أ) محيط كل منهم وبيئته وتطوره وبناء نفسه ب) مكونات نموذج كل واحد..
أبهرني تعمق المؤلف وسعة اطلاعه ودقته، -وإن لم تتفق مع ما يتوصل إليه دائما-
ثم ختم الكتاب بحصائل وتعقيبات عامة تتحدث عن فكرة الصوم عن الأخبار.. الغيرة على الزمن.. والزمن كأنفاس، وغير ذلك..
الكتاب بوصلي ومفيد جدا..
جزاه الله خيرا -
أفضل ما قرأت للسكران حتى الآن!
بالرغم أن كتبه لا تتخير عن بعضها البعض،
فكلها ذات نفع وأسلوبها بسيط وممتع
إلا أن هذا الكتاب بالذات لاقى هواً في نفسي
فمنذ ما يقرب من العامين وأنا مهتمة بموضوع "تأثير وسائل التواصل الاجتماعي" وبالطبع فأول من سأُتابع تأثيرها عليه هو أنا.
فبدأت ألاحظ مقدار الوقت الذي يتم هدره من يومي بدون إنتاجية ولا حتى استفادة!
وبدأت ما يُعرف ب"سوشيال ميديا ديتوكس"
والآن وبعد مرور ما يقرب من العامين أصبحت لا أستخدم السوشيال ميديا إلا فيما ندر ولو لاحظت أن المعدل زاد ألجأ فوراً لإغلاقها جميعاً كما هو الحال الآن 😃
__
(الماجَرَيات)
هى ما جرى من أحداث سواء على الصعيد السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي وغيره.
وبالطبع فأول ما نتابع عليه ما جرى الآن هو وسائل التواصل الاجتماعي
ومع تعدد الأخبار والآراء والتعليقات يجد من يتابع موضوع أنه ظل بالساعات يتابع مجرياته ومستجداته ويدخل في نقاشات حلوة وقد تتطور إلى خلافات وتبادل شتائم وبلا بلا بلا
فهل استفدت شيئاً؟!
__
الكاتب لم يقتصر في عرض موضوعه على الماجريات الشبكية وعلى رأيه الشخصي بها، وقصص من حوله ولا حتى على خواطر عن السلف ومدى اهتمامهم بالوقت واستغلالهم له في القراءة والحفظ والتعلم، بل أيضاً اتجه للحديث عن الماجريات السياسية واستشهد بنماذج مؤثرة في العالم العربي الإسلامي من كُتاب ومفكرين أمثال مالك بن نبي والمسيري ود.فريد الأنصاري وغيرهم.
__
كتاب مفيد وأنصح به الجميع.
تم
٢٩ أغسطس ٢٠٢١ -
تلخيصي لكتاب الماجريات / إبراهيم السكران :
في المقدمة تحدّث الكاتب عن الدافع لكتابته هذا الكتاب ألا وهو ملاحظته للانهماك المُفرط والإدمان عند الناس في متابعة الأحداث والوقائع والمجادلات الشبكية المتوالية والذي يصوغ بدوره نمطاً من "التفكير الأفقي" عند صاحبه من غير أن يُبصر إلا الغلاف والقشرة الخارجية من المتغيرات، وقد قسّم هذه الأحداث على قسمين قسم "الماجريات الشبكية" والثاني "الماجريات السياسية".
ومن أجل تحقيق الهدف من هذا الكتاب ألا وهو نقد هذه الظاهرة ومحاولة علاجها وضع الكاتب عدة تمييزات ليتم فِهم خريطة البحث بشكلٍ جيد، وبدأ بالتمييز بين فقه الواقع -أي معرفة وفِهم وتصوّر طبيعة الواقع الحالي ضمن الضوابط والشروط المنطقيّة - وبين الغرق في الواقع -أي الغطس في الماجريات والانغماس في دوامة الأحداث والوقائع وتجاوز القدر المطلوب والمغالاة فيه- .
ثم قام بالتمييز بين المتابعة المتفرّجة والمتابعة المنتجة والفرق بينهما هو أن الأولى لا يُثمر منها شيء، أما الثانية فقد تؤثر هذه المتابعة وتزيد في الإنتاج كماً وكيفاً.
أما في التمييز بين المتابعة زمن التحصيل والمتابعة زمن العطاء أكّد الكاتب على ضرورة التركيز على استثمار لحظات العمر التي تشكل ثروة ثمينة في زمن التحصيل، في حين إذا تجاوز المرء هذه المرحلة وبدأ بمرحلة العطاء فإمكانه زيادة متابعته للواقع بما يحقق أغراضه وهدفه.
وفي نقطة التمييز بين توظيف الآلة والارتهان لها، ذكر الكاتب مثالاً على هؤلاء من استغلّوا ثورة الاتصالات الحديثة وبدؤوا بنشر كل ما هو مفيد ويزيد الوعي عند الناس، وذكر مثالاً آخر على شريحة واسعة أخرى دخلت هذا القطاع بهذا المقصد النبيل وما لبثوا إلا قليلاً ثم تحوّلوا من منتجين إلى مستتبعين ومتلقّين مستهلكين تخرطهم الآلة في ماجرياتها.
في النقطة الأخيرة ميّز الكاتب بين فصل السياسة ومرتبة السياسة، وبدأ بطريقين الأوّل هو فصل السياسة عن الدين والثاني وصل السياسة بالدين، فأما الطريق الثاني يتفرّع إلى ثلاثة فروع ألا وهي :
⁃ التعميم : فهو اتجاه يقابل الاتجاه العلماني ويرى أن السياسة من صميم الدين، ويرى أن أس البلاء هو النظم السياسية الفاسدة، ويدعوا إلى مطالبة عامة المشتغلين بالعلم والإصلاح الاهتمام بالعمل والإصلاح والتغيير السياسي.
⁃ السلطنة : فقد ظهر في المجتمع المسلم كرد فعل تجاوزي على اتجاه التعميم، حيث يقر أصحاب هذا الاتجاه أن السياسة من الدين ومن صميم الشريعة ولكن يرون أن الاشتغال بها حق حصري للمستبد وأنه هو المتفرّد بمعرفة المصالح.
⁃ التخصص : الاتجاه الوحيد الصحيح في ضوء فِهم الإسلام وذلك في جعل السياسة "تخصص" ومعنى كونها تخصص هو التمييز بين الاطلاع الإجمالي والاطلاع التفصيلي، بالتالي هي جزء من الشريعة لكن لا يتصدّى لها إلا من كان ذو أهلية.
ثم في الفصل الأوّل حدد الكاتب موقع الماجريات وقام بتعريف هذا المصطلح ووضّح مضارها على النّفس وبيّن منزلتها في القرآن وفي نصوص العلماء والفقهاء.
أما كلمة "الماجريات" فهيَ تعني الأحداث والوقائع والأخبار حيث تم توليد الكلمة بأسلوب التركيب المزجي ( ال+ ما + جرى + ات)، وقد استعمل المؤرخون والأدباء وعلماء السلوك في العصر الإسلامي هذه الكلمة للتعبير عن اشتغال المسلم بالأخبار والأحداث التي لا نفع فيها.
وأكّد الكاتب على أنه من الخسارة أن يتم إحراق طاقة التفكير في الماجريات وأحوال الناس، واستشهد بذلك عن طريق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وعدة أقوال للعلماء والأئمة.
أمّا الفصل الثاني كان بعنوان "الماجريات الشبكية" حيث قام الكاتب بتعريف الأحوال والأوضاع الموجودة في واقعنا الحالي والمتعلّقة بالماجريات الشبكية وبيّن أثرها على الفرد
وتحدّث عن موضوع الإدمان حيث ظهر مصطلح "اضطراب إدمان الإنترنت" لأول مرة عام 1995 لكنهم لم يهتموا بدايةً بالأمر وفي عام 1996 درست د.يونج هذه الظاهرة وعرضتها في المؤتمر السنوي للجمعية النفسية الأمريكية وكانت النتيجة أن الأعراض المصاحبة لمدمن الإنترنت تشبه الأعراض المصاحبة لمدمن القمار و المخدرات وواصل الباحثون اهتمامهم بالموضوع وزاد الاهتمام به وأنشأوا مراكز استشارية لعلاج إدمان الإنترنت.
ثم بدأ بعرض بعض مظاهر الماجريات الشبكية:
⁃ إدمان التواصل الشبكي SNS addication : ويعني ذلك إدمان المستخدم للمحتوى من ألعاب و مواقع تواصل اجتماعي أي ليس المقصود إدمان الآلات المادية المحسوسة.
⁃ التصفح القسري : وهو تصفح الشبكة في أثناء العمل و الوقت الجاد و قد اختلف في مسببها على أنها عادة أم إدمان مشيراً إلى أن الفرق بينهما هو صفة "القهرية" فالعادة يمكن التحكم فيها أمّا الإدمان فقد يتحوّل إلى سلوك قهري .
⁃ الأعراض الإنسحابية : وهي حالة تصيب الجسم عند التوقف المفاجئ عن المواد التي أدمن عليها، ومن الطريف أن العينات محل الدراسة التي تم تشخيصها بأنها مدمنة على الانترنت (إدمان سلوكي) ظهر عندها هذه الأعراض من غضب وقلق وتوتر وانزعاج.
⁃ إغراء أم مهرب : هنا أكد الكاتب على أن سبب الإدمان الشبكي ليس بفعل جاذبية المحتوى بل هو للهروب النفسي من متطلبات الحياة وواجباتها وطرح مثالاً أن الطالب يزيد تصفحه للإنترنت أثناء فترة الامتحانات و ضغطها.
⁃ التصفح الملثم : وهي حالة إخفاء عدد الساعات الحقيقية عند استخدام الشبكة.
⁃ العمى الزمني : وهي باختصار فقد الإحساس بالزمن أثناء تصفح الانترنت وهذه الظاهرة يعانيها تقريباً كل مستخدمي الإنترنت.
⁃ مدمنو البيانات Dataholics : وهو كل من أصيب بالشراهة في مطاردة و جمع المعلومات في الشبكة.
⁃ تسلسل التصفح : وهي عملية التلاحق من معلومة إلى معلومة عبر لينكات التفاعل.
⁃ النبأ المتدحرج : أي أنّ الأنباء تدحرج وتنتقل عبر مسلسل الخبر والتعليق والتعليق على التعليق في صورة فورية ودون الارتباط بأوقات عرض فضائية.
⁃ لحظات التسلل : للدخول الشبكي وقد فصّلها الكاتب في ثلاث أحوال وهم حالة ضغط المهام وحالة الاسترخاء بين المهام وحالة استفتاح العمل.
في نهاية هذا الفصل أكّد الكاتب على أنّ المطلوب منّا "التوازن" في معاملة نظم الاتصالات وإيلاء هذه المشكلة حقها من العناية، ولا بد من تنظيم العلاقة لتكون "متابعة منتجة" ومتناسبة لا تطغى على مهامنا الأخرى ولا تبعثر جمعية قلوبنا على الله.
الفصل الثالث / الماجريات السياسية
بدأ الكاتب في مقدمة هذا الفصل بتحديد موضوع البحث ألا وهو التركيز على "اتجاه التعميم" في السياسة الذي يثير إشكالية "القدر الزائد من الانهماك السياسي" أو ما يمكن تسميته بـ "التخمة السياسية"، حيث سيتم قراءة هذه الإشكالية من خلال عدة تجارب تاريخية جادة لعلماء مصلحين ومفكرين إسلاميين في هذا العصر وكيف تعاملوا معها، ولأجل ذلك اختار كل من: العالم المصلح البشير الإبراهيمي(من الجزائر) والداعية الإسلامي الندوي (من الهند) والداعية فريد الأنصاري (من المغرب) والمفكّر الإسلامي مالك بن نبي (من الجزائر) والمفكّر المسيري (من مصر)، وقد تناول الكاتب عند سرده لهذه التجارب لحظات الإنتاج الجادة في حياتهم بهدف معايشة هذه التجارب واتخاذها كوسيلة لتضميد جراحات الدافعية وأيضاً هدِف من خلال ذلك إلى إنعاش الحيوية العلمية الإصلاحية لتستعيد نبضها الطبيعي، ولأجل هذه الأغراض تم تقسيم كل نموذج إلى قسمين الأول هو محيط النموذج لنتعرف على مراحله في الإنتاج الجاد والثاني لدراسة مكونات وعناصر هذا النموذج المطروح حول العلاقة بين السياسة من جهة وبين العلم والدعوة من جهة أخرى.
أما في تلخيصي هذا فسأكتفي بذكر ملخّص القسم الثاني لكل نموذج المعنون ب "مكونات النموذج".
- نبدأ بنموذج البشير الإبراهيمي (لباب السياسة وقشورها) :
يقدم الشيخ البشير تمييزاً مفهومياً يحاول من خلال إيصال تصوّره للجهود السياسية النافعة المثمرة، وهو التمييز بين (لباب السياسة) و(قشور السياسة)، فلباب السياسة عند الشيخ هو "بناء الأمة" وبناء الأمة يكون ببناء أركانها من العقيدة والأخلاق والعلم والوعي والعمل والإنتاج، وقشور السياسة هو هذا الجدل السياسي بين التيارات الحزبية والنيابية.
ولقد تضمّن هذا النموذج عنصرين: العنصر الأول هو أن المراحل العمرية الأولى لطالب العلم يجب تركيز الجهد فيها على البناء العلمي وعدم مزاحمته بمتابعة الماجريات السياسية، والعنصر الثاني هو وجوب التمييز بين المتخصص السياسي وغيره في كمية الاهتمام بالماجريات السياسية.
- نموذج مالك بن نبي (الدروشة السياسية) :
لقد كان مركز خطاب مالك بن نبي "المنطق العملي" أو الفعالية وا��عمل، وقد كان هذا معياره في تقييم المشاغل السياسية وحركات التغيير في واقعه الذي يرصده، ثم رأى أنّ الجميع قد انشغل بالخطابات السياسة عن العمل والإنتاج الفعلي على الأرض وانتقلوا إلى متابعة الماجريات السياسية.
ويكرر مالك بن نبي أن المفتاح الأساس الذي خلب المجتمع للخطابات السياسية وصرفه عن الإنتاج الفعلي هو "شعار الحقوق الجذاب" ويعلّل ذلك بأن الطبيعة البشرية يغريها الحديث عن حقوقها أكثر من التزاماتها، ويرى أن المسار الصحيح أي يكون مركز الخطاب هو استنهاض الأمة للقيام ب "الواجب" وليس إشباع رغباتها بالحديث المغري عن "الحقوق" فالواجب هو المركز والحقوق تبع.
ويحاجج عن هذا الرأي بنصوص من القرآن وشواهد التاريخ منها قول الله "إنَّ الله لا يُغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسِهِم" ويدافع عن قاعدة اجتماعية يذكرها وهي "الحكومة مجرد آلة اجتماعية تتغيّر تبعاً للوسط الذي تعيش فيه"، ولقد انتهى أخيراً إلى تشبيه الاستغراق في المطالبة السياسية بالحقوق بخرافات المتصوفة وأطلق عليها لقب "الدروشة السياسية".
- نموذج أبي الحسن النّدوي (التفسير السياسي للإسلام) :
ناقش الندوي أفكاره على مستوى "التأصيل الشرعي" وخطأ رفع الاهتمام الماجرياتي السياسي إلى درجة جعل غاية الأنبياء ومقصود الشرائع هو المشروع السياسي ولقد وضّح هذه الفرضية ومآلاتها الأربع التي تفضي إلى التزهيد في مقاومة شرك العبادة وتوهين الشعائر باعتبارها وسائل للمشروع السياسي والجور على المطالب العلمية والدعوية والتربوية والإيمانية لصالح التوّرم السياسي وسوء الظن بفقه السلف بأنهم لم يفهموا غرض القرآن.
- نموذج المسيري (السياسة الحدثية) :
عالج المسيري الموضوع من زاوية مختلفة عن سابقيه فهو يتحدث في تجربته الثقافية أن الانهماك الماجرياتي والانخراط في دوامة الآحاد والأعيان والأحداث اليومية يشوّش التفكير الكلي ويقلّص القدرة على إبداع المفاهيم والمنظورات والتعقيدات والتأصيلات العمومية فضلاً عن أنّه يخ��لس الوقت.
- نموذج د.فريد الأنصاري (التضخم السياسي):
ذكر الكاتب أن الأنصاري كان من أكثر الشخصيات التي عُنيت بإشكالية "منزلة السياسة في الخطاب الدعوي" وما يتفرّع عنها من الاشتغال بالماجريات السياسية وهو أغزر من أنتج حول هذه الإشكالية واعتنى بتحليلها ودراستها.
وأما نماذجه بما يخص العلاقة بين الدعوة والسياسة بدأها بالتحذير من التعصب للهياكل الحركية والكتب الفكرية باعتبارها وساطة تربوية لا توحيد، ثم زاد النقل إلى كشف ظاهرة الفجور السياسي وأن الحركة الإسلامية مشغولة بالعمل السياسي المباشر عن التوجه إلى تديّن المجتمع ومعالجته، ثم زاد الأمر توسيعاً في رسالة "التضخم السياسي"، ووصل ذروة الاستياء في رسالته "الأخطاء الستة" التي وصف فيها الاستصنام السياسي والاستصنام المذهبي، وكان في كل هذه الرسائل الأربع يؤكد بصيغ متنوعة أنه ليس ضد الجماعات الإسلامية للحركية، ثم في رسالته الخامسة "الفطرية" دعا لتجاوز التنظيمات الحركية كلها إلى ما سمّاه "التنظيم الفطري" الذي يكون نظامه من نفس النصوص الشرعية كأوقات الشعائر ومرجعية العلماء الربانيين ومجالس القرآن.
في الختام أكّد الكاتب على عدة تعقيبات وخلاصات تفيد كل شخص مهتم بأن يكون في قلب عملية التغيير الاجتماعي والإصلاح منها:
-الاستنامة للواقع: أي الاستسلام والدوران في تروس الماجريات الفكرية والسياسية وهذا بدوره يزيح المرء عن الجهود الجادة والمنظمة في المعرفة والإيمان والإصلاح.
-فكرة الصوم عن الأخبار
-امتيازات الفتوة العلمية: يؤكد على المرحلة الذهبية (مرحلة الشباب) في العمر وأهميتها في التحصيل العلمي.
-الغيرة على الزمن والزمن كأنفاس: وقد أكّد على أهمية الزمن وقيمة الوقت واستشعار أهميته.
-القياس إلى فضول العلم
-مصارف طاقة التفكير
وأكد بالنهاية أن المسألة أولاً وآخر مسألة توازن ولا شيء أكثر حزناً من أن يتوّهم الماجرياتي أنه في قلب عملية التغيير وفقه الواقع وهو مجرد مراقب ومتفرّج لا غير ..
انتهى
رنا سعاده
١٩/١/٢٠١٦ -
.
.
كانت البداية مع عنوان الكتاب " الماجريات "الملفت للنظر
والغير مُستهلك ومعنى الماجريات هنا الأحداث التي تجري من
حول المرء ، فينشغل ذهنه وعقله بها .
ولأننا في منطقة لا تكاد تهدأ حتى تثار بها الزوابع من جديد
فإن الإطلاع على هذا الكتاب مهم جدًا خاصة لمن يعاني من
هوس تتبع الأخبار و مواصلة تصفح مواقع التواصل الإجتماعي
بحثا عن خبر حصري أو " عاجل الآن " .
وخلال هذا العرض يقدم السكران خمسة نماذج لمفركين وهم :
البشير الابراهيمي، أبو الحسن الندوي، فريد الأنصاري، مالك بن نبي، والمسيري ومن خلال هذا العرض الأقرب إلى السير الذاتية
نستعرض كيف تعامل كل مفكر منهم مع " الماجريات " التي
أحاطت به .
الرسالة واضحة والمقصد صريح ، هي ليست دعوة للتقوقع
على الذات واعتزال المحيط العام لكنها دعوة لإعادة ضبط
مفاهيم الأولويات لدى طالب العلم بالتحديد وخاصة طالب العلم الشرعي . ولمعرفة مدى جدوى الكتاب اسأل نفسك
عن عدد المرات التي سرقتك بها مواقع التواصل من كتاب
أو قراءة ؟ .
ماذا بعد القراءة ؟
تجاوز ما لا ينفعك بشيء .
.
.
#تمت
#أبجدية_فرح 5/5 🌸📚
#الماجريات #إبراهيم _عمر_السكران
صادر عن #دار_الحضارة_للنشر_والتوزيع
#candleflame23bookreviews
#غرد_بإقتباس
#حي_على_القراءة
#كتاب_الشهر في مبادرة #كتاب_في_يد_قارئ
#ماذا_تقرأ #ماذا_تقتبس #القراءة_حياة
#القراءة #القراءة_حياة_أخرى_نعيشها -
#الماجريات..
#وهم الإنسياق..
#الغرق في الصراعات والمهاترات الفكرية ..
#التيه النفسي والفكري والإدمان الإجتماعي الرقمي،،
#إدمان المحتوى الرقمي والتعلق المزمن بالأخبار والأحداث،،
.................
يبتدئ د.إبراهيم السكران كتابه بالنموذج الماجرياتي الأكثر شمولية اليوم وهو التعلق بمواقع التواصل وتبني الأخبار والمحدثات عليها بالتعليق والنقاش والنشر العام والخاص حد الإستغراق فيها وتبني وجهات النظر المختلفة فنشرها والدفاع عنها... إلخ هذه الحلقات المفرغة والصور المتكررة معنا جميعاً_بما فيه الكاتب نفسه_ والذي يعترف بأن مثل تلك المواقف أخرته بالفعل أحياناً عن بعض مواعيد التسليم النهائية لرسائله العلمية وهو مادفعه بحرقة إلى التطرق لتلكم الظاهرة ومدارستها تفصيلاً إستعانةً بالكثير من المراجع والآراء والشخصيات الاُخرى التي تناولتها مسبقاً بشئٍ من الإيضاح والتفصيل...
وقد كان من المدهش بالنسبة للكاتب أيضاً أن يجد قاماتٍ عظيمة كالشيخ محمد مختار الشنقيطي يشتكون من نفس المشكلة وتبعاتها المُضيعة للوقت والعمر والمُربكة لكل نظامٍ وخطة يمكن أن يضعها المرء ليومه أو ساعاته المعدودة فيه...
.................
ومن ثم ينتقل د.إبراهيم السكران إلى التأكيد على أهمية المشكلة ومعاناة الكثير من اثآرها السلبية مع التطرق إلى التمييزات الحاكمة لكتابه في تناولها، والتي قصد من خلالها توضيح الفارق مابين الأصل الصحيح المرغوب للظاهرة وبين المغالاة والإفراط فيه حد الإشكال وقد شملت تلك التمييزات خمساً أساسية هي:
1- التمييز بين فقه الواقع والغرق في الواقع:
2- التمييز بين المتابعة المتفرجة والمتابعة المنتجة:
3- التمييز بين المتابعة زمن التحصيل والمتابعة زم الإنجاز.
4- التمييز بين توظيف الآله والإرتهان للآلة:
5- التمييز بين فصل السياسة ومرتبة السياسة:
-وذلك تجنباً للوقوع في خطأ الفهم المعتاد وتفسير الدعوة إلى الإمتناع التام والمستمر في حين أن المقصود هو التطرق لظاهرة ( المغالاة والإفراط في أصل صحيح مطلوب )، والمطلوب تشذيبه وتنظيمه لا استئصاله بالكلية..
...
ثم تطرق في الفصلين الأول والثاني إلى موقع الماجريات والماجريات الشبكية حيث أوضح في الأول العديد من المفاهيم والمدخلات ومنها على سبيل المثال :
-البناء اللساني للمصطلح: فالماجريات تعني الأحداث والوقائع والأخبار. وهى إشتقاق من (ماجرى) ويعني الذي حدث أو وقع.
-صحبة الماجرياتيين وأثرها في إفساد القلوب والعقول وضياع الأوقات وشرود الزهن وفوات العزيمة.
-إنحطاط الهمة والعزيمة المترتب على فتح الباب للمجرايات واللتان قد يتعسر المرء كثيراً في إستعادتهما مجدداً من بعد ذلك ولا يكون إلا ببزلٍ وجهدٍ كبير.
-الدوافع التي تجر الناس للخوض في هذه الحكايات والأخبار غير النافعة وبحثهم عن الإستئناس والتسلي بملا لافائدة أو عائدٍ منه أو كما وصفه البعض قديماً وحديثاً بـ(الكلام الفارغ)..
وتطرق في الثاني إلى:
-إضطرابات ادمان الإنترنت وتصنيفها كأمراض بحاجة إلى تدخل علاجي أحياناً حيث قد يعاني بعض مستخدمي الإنترنت من نفس تأثيرات لاعبي القمار ومتعاطي الكحوليات وكثيراً ما يواجهون نفس الأعراض الإنسحابية لأنواع الإدمانات الاخرى، وهي حالة تصيب الجسم عند التوقف المفاجئ عن المواد التي أدمن عليها..
والمقصود بالإدمان هاهنا هو إدمان المحتوى والتواصل مع الآخرين أو إقامة العلاقات الإجتماعية ومتابعة الأحداث...إلخ وليس إدمان الأجهزة التقنية نفسها حيث يؤكد من هنا الكاتب عدم ضرر هذه الأجهزة في ذاتها وإنما الأضرار تاتي من حيث الإستخدام..
-مفهوم التصفح القسري وهو عدم مقدرة الشخص على الإنضباط والتركيز أوالإلتزام بواجباته دون التسلل المستمر إلى شبكات ومواقع التواصل خلال الدروس والإجتماعات أو أوقات المذاكرة والبحث أوحتى في دور العبادة والمناسبات الرسمية والعائلة. وتصنيف هذا السلوك إلى سلوك إدماني قهري وليس مجرد عادة أومسلك طبيعي، فالفرق بينهما هو الصفة القهرية والعجز عن السيطرة والتحكم..
-الماجريات كإحدى آليات الهروب النفسي والإختباء م�� تعقيدات المهام والمطالب العلمية والعملية والإلتزامات اليومية، أو الإستجابة المستمرة للإلحاح النفسي الداخلي نحو زيارة المواقع والشبكات المفضلة في أوقات الضغط والإلزام أو الإرتباط بمهام صعبة وعمل ضروري!.
كما تطرق أيضاً للكثير من المفاهيم والمصطلحات الاُخرى المرتبطة ظاهرياً وجوهرياً بإدمان الماجريات الشبكية ومن أهمها:
التصفح الملثم للعلماء والمجتهدين للتهرب من الوصمة المجتمعية.. العمى الزمني الذي يسيطر على مدمني تلك الشبكات فينسيهم الإحساس بمرور الوقت، إدمان البيانات وتسلسل التصفح الذي يسببه الإرتباط والتعلق بالأحداث وتعقبها والتعقيب المستمر عليها،، النبأ المتدحرج، لحظات التسلسل، الإستمراء بمواطأة النظراء حيث يستأنث الإنسان الفعل مع الوقت كلما زاد عدد الآتيين عليه دون إستدراك الخطأ والتضييع الذي يصيبه منه، المهاترات الشبكية والصراعات الواهية، حجية كثرة الطرق، وغيرها...
ــــــــــــــــ
....................
تحول بعد ذلك د.إبراهيم السكران في كتابه إلى أهم وأشمل الفصول وأكثرها تفصيلاً وهو (الماجريات السياسية)، لما يشمله ذلك من أهمية لكل المتعلقين والمنشغلين بهموم وآمال الإصلاح والتأثير مفصلاً دور وأنماط الإهتمام والمهتمين بالسياسة والإنشغال بها إلى خمسة أبواب مختلفة، قد دلل على كل منها بنموذج إيجابي معارض لها إستطاع أن يتغلب عليها فيلتزم إهتمامه وخططه الفكرية والإصلاحية دون الإنغماس والغرق فيما يدور ويجري من حوله أو يحيد به عن أهدافه الأهم في الحياه.. وهي:
#نموذج لباب السياسة وقشورها: الشيخ البشير الإبراهيمي.
#نموذج الدروشة السياسية: المفكر العربي الجزائري مالك بن نبي.
#نموذج التفسير السياسي للإسلام: الشيخ أبي الحسن الندوي.
#نموذج السياسة الحدثية: المفكر الإسلامي الشهير د.عبد الوهاب المسيري.
#نموذج التضخم السياسي: الدكتور فريد الأنصاري.
وقد قسم كل نموذج منهم إلى قسمين رئيسيين هما:
# محيط النموزج: والذي يتعرض فيه للمحات سريعة عن حياة الشيخ أو المفكر ونشأته وإشتغاله بالعلم والتعلم والإنتاج الفكري أو المعرفي أولاً متطرقاً إلى إهم منتوجاته ومنجزاته العلملة والفكرية والتحديات التي قابلها في حياته مع كيفية التعامل معها وتغلبه عليها،، إلخ هذه النقاط الهامة التي تخدم وجهة النظر الكلية للكاتب في الإستدلال به ودراسة تجربته وتوظيفها في التأكيد على المعنى والنموذج المقصود.
# مكونات النموذج: ويدرس فيه كيفية تعامله مع الماجريات والأحداث من حوله ووجهة نظره المتبناه أو حكمه ورأيه فيها وفي الإنشغال بها والضوابط التي تضمن تناولها بما لايؤثر على حياة الإنسان وتأثيره بمايضمن فالآخير تحقيق الإستفادة الكلية من الوقت والحياه بجانب إحداث أقصى وأفضل تأثير مرجو في المجتمع المحيط دون الغرق في أحداثه والتاثر بالمتابعة المتفرجة أوالإستنامة للواقع بلا أدني إستفادة أو تأثير..
ليعود أخيراً مرة اخرى إلى تقديم بعض الخلاصات والتذكير بالمفاهيم والأهداف الأساسية من أفكاره شارحاً وموضحاً النتائج التي قد يؤول إليها الإنسان نهايتاً من وراء الإستنامة للواقع ومجرياته من إنشغال بالثرثرة عن العمل وبالمشاهدة عن التأثير، كما ذكَّرَنا أيضاً بأهمية الصوم عن ال��خبار (الذي ينصح به في بعض الدراسات والأبحاث كعلاج لعددٍ من الحالات النفسية)، والغيرة على الزمن الذي ينظر إليه الكثير من العلماء والمفكرين كأنفاسٍ لقيمته العظيمة بخلاف التعبير السائد عنه بالدقائق أو الساعات
ويُختتم الكتاب بنصيحة هامة للجميع وللشباب خاصتاً بحسن إختيار مصارف طاقة التفكير وإستغلال فترة الفتوة العلمية في تحصيل المعارف والعلوم التي لاحصر ولانهاية لها، والإنشغال فيما ينفع وتُرجى منه القيمة الحقيقية والفائدة دون غيره من، الأخبار والمحدثات اليومية العابرة، الفارغة من أي أهميـةٍ وتأثـير...ـ -
كتاب عظيم أنصح بقراءته
-
ما جري وما يجري وما سيجري
وسلسلة من الماجريات التي تدور فيها ... دائرة مفرغة لا تنتهي
قبل البدء في يومنا وقبل أن نقول لأنفسنا صباح الخير نجري علي السوشيال ميديا لنعرف ما جري ونري ما التريند الذي سيضيع يومنا عليه
ابتسم لقد وصلنا للقاع وراء الماجريات
كتاب جيد وقيم -
" الأزمان تُعد بالأنفاس "
- شمس الدين ابن القيم
من منطلق هذة الحقيقة يحاول السكران فك الله أسره أن يؤكد علي أهمية الإبتعاد عن الماجريات، والماجريات هي قشور وتوافه الأمور من السياسة والنقاشات العامة مثل أخبار الفنانين وغرائب وعجائب الأخبار التي تمتلئ بها الفضائيات، وتعد الماجريات من أهم الأعداء للباحث عن العلم في كل زمان، فقديماً أثناء فتنة ابن الزبير أعرض بعض الصحابة عن تناقل الأخبار (الماجريات) في سبيل التعبد والتبحر في العلم الشرعي ككقول عبدالله بن شخير (لبثت في فتنة ابن الزبير تسعاً أو سبعاً، ما أخبرت فيها بخبر ولا استخبرت فيها عن خبر) ، وحديثاً في عصر كثرت فيه الماجريات مثل شبكات التواصل الإجتماعي ومواضيعها السقيمة المتكررة ينصحنا السكران بإتباع أسلوب الصحابة بالصوم عن الأخبار وإتباع بعض النماذج التي أوردها في الكتاب وهم (البشير الإبراهيمي، أبو الحسن الندوي، مالك بن نبي ، عبدالوهاب المسيري وفريد الأنصاري) وفي الأسفل تلخيص لكل نموذج منهم .
البشير الإبراهيمي : كان يؤثر الإعتدال في كل شئ فمقاومة الإستعمار الفرنسي في بلده جائت عن طريق الإشتغال بتدريس الأخلاق والفقة للجيل الجديد من الشباب وكان يري أن طالب العلم لا ينظر في السياسية سوي الجمل العامة منها ولا يقراء في الجريدة سوي ما يدفع الركود ولا يجلس في المقاهي سوي لما يدفع الملل .
مالك بن نبي : ونموذج مالك يمكن تلخيصه في مصطلح "الدروشة السياسية" فكما يشتري الناس البخور من أجل الدجل يشترون الأن أوراق الإنتخابات، فحين يتحدث الناس عن حقوقهم فقط ويتركون واجباتهم تتحول كل منضدة لمنصة ثورية وكل حوار يتحول لتخطيط للوصول للسلطة وهو ما أنكره علي غير المتخصصين .
أبو الحسن الندوي : العلامة الهندي المعروف بكتابه "ماذا خسر العالم بإنحطاط المسلمين" وواحد من أشهر نجوم الدعوه في وقته كان يري أن الإسلام دين شامل لذلك عاب علي من حول الإسلام لنظام سياسي فقط وأنتقد الإخوان المسلمين لتبنيهم المنهج السياسي في الدين فقط فالإسلام توازن بين الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية فلا تطغي أحدهم علي الأخر لذلك يفضل ترك المجال لأهله .
عبدالوهاب المسيري : صك مبدء "الانفصال المؤقت" عن الماجريات أثناء التحصيل العلمي تحت شعار طريف "أنا أفكر إذاً أنا غير موجود" فعندما أحس المسيري رحمه الله بأن الإهتمام بالسياسية - حرب 73 وقتها - ستشغله عن عمله في الموسوعة أنكب علي الموسوعة وتابع ملخص الأحداث فقط علي ألسنه أصحاب الفكري والرأي بعيداً عن الجرائد وغيرها وعندما وجد أن القنوات الإعلامية التي تحتفي بإنجازه في الموسوعة تعيقه عن التفكير أعتزلها أيضاً .
فريد الأنصاري : صك الدكتور مصطلح (الفجور السياسي) وهو مصطلح يقصد به شيوع الفجر في المجتمع حتي يتحول لأيدلوجية سياسية تعمل الدولة بها ، ومما يذكر للدكتور رحمه الله إستقالته من حزب العدالة والتنمية بعد أن أحس أن مفاهيم الحركة الدعوية أصبحت تخدم السياسة وليس العكس كما كان مأمول منها فأصبحت التربية الأساسية هي الغرض الدعوي وقتها بدلا من التربية الإسلامية والتي كانت المقصد من الحركات السياسية قبل الإنشغال بالسياسة .
في نهاية سرده للنماذج وأثناء تحليله للدكتور فريد الأنصاري نسي المؤلف الغرض النهائي من الكتاب ودخل في بحر من النقاشات والسرد حول تاريخ المقاومة الإسلامية في المغرب ثم ينسي مرة أخري ويدخل في نقاشات حو الإسلام الصوفي وكيف عارف "من" عن "ماذا" ! ، ولولا هذا الجزء غير المبرر في الكتاب لخرج الكتاب بصورة أقرب ما تكون لما كان يريده السكران نفسه، أما عن رأيي في الكتاب فأنا أختلف مع السكران جزئياً فأري أن الفعل السياسي والإهتمام السياسي مطلوب أثناء فترات القمع الديني والدنيوي - وهو ما يعاني منه أغلب الأمه الإسلامية الأن - فلا ينبغي لمقموع أن يتنازل عن أبسط حقوقه فربما يستطيع التغيير او ينشر الوعي ورأيي أقرب لنموذج أبو الحسن الندوي، أما دون ذلك فأنا أتفق بالكامل عن رأيه في الإبتعاد عن باقي الماجريات من إدمان مواقع التواصل الإجتماعي وغيرها . -
!ما جرى؟
اصبح السؤال الاهم فى عصرنا، بغض النظر عن محتوى الإجابة واهميتها للسائل او حتى مع إعداد ردا مسبقا على هذه الاجابة.
الماجريات السياسية والماجريات الشبكية والمهاترات الفكرية وسيلا من التعليقات اخرجتنا من محاولة فهم الواقع او فقه الواقع لإصلاحه لاحقا،الى الغرق فى وحل الواقع.
الماجريات وهى جمع ل ما جرى وهى عنوان لكتاب الشيخ ابراهيم السكران، الكتاب الذى اخذ سمعة يستحقها فى رأيى.
قسم السكران الكتاب الى أجزاء:
الاول منه أتى لشرح الماجريات وظاهرتها وما الذى ترتب على هذه الظاهرة، وفند السكران ما ترتب عليها لنتيجة من جهتين متقابلتين ،فمن جهة تدهورت الشهية العلمية والدعوية لدى شريحة الشباب واستثقال القراءة الجادة والبحوث الطويلة الاجل والصبر على دروس ومجالس العلم بل حتى القراءات الثقافية الجادة ويستملح فقط متابعة الاحداث السياسية والوقائع اليومية والمهاترات الفكرية ومشاغبات القضايا الصغيرة ثم متابعة التعليق على هذه الاحداث فى شبكات التواصل وما موقف كل تيار من الحدث وكيف علق وعقب كل رمز مشهور على الحدث. ومن الجهة الاخرى يرى السكران ان هذه الشريحة اصبح لديها نموا فى وعى الواقع وتطور اللغة السياسية واصبح لديهم مخزون واضح من تفاصيل الاحداث يستثمره فى البرهنة اثناء المناقشات.
من هذا المنطلق يعرض السكران دراسات عن متابعة الماجريات الشبكية ثم ينتقل الى الاخطر وهو الموضوع الرئيسى "الماجريات السياسية" ثم يعرض نماذج لمفكرين اسلاميين كبار مؤثرين ومواقفهم من الانخراط فى متابعة الماجريات السياسية وما يترتب عليها من توجه فكرى بغض النظر عن حال الامة الذى اصبح فى الحضيض.
النموذج الاول نموذج الشيخ البشير الابراهيمى (لباب السياسة وقشورها)
وفى هذا النموذج ومكوناته التى شرحها ابراهيم السكران حيث ان الشيخ الابراهيمى كان قد عكف على التعلم والنهل من المعارف فى صغره دون النظر للماجريات من حوله حتى اصبح قادرا بعد ذلك فى التأثير فى الواقع وبخطة منهجية يستطيع من خلالها بناء الامة ومواجهة الاستعمار الفرنسى ومن اشارات الشيخ:
أنه كان يرى الاستعمار الفرنسي يبدي أحيانا مرونة مع الأحزاب السياسية لكنه يتصلب تجاه جمعيةالعلماء، برغم أن الأولى صريحة في السياسة، والثانية جهودها
علمية أخلاقية أصالة، ولم يفوت الشيخ التقاط هذه المفارقةوالاحتجاج بها على بعض المنتسبين للأحزاب السياسية، كما يقول الشيخ:وإن الاستعمار لأفقه وأقوى زكانة وأصدق حدا من هؤلاء، حين يسمي أعمال جمعية العلماء سياسة، وما هي بالسياسة في معناها المعروف، ولا قريبة منه، ولكنه يسميها كذلك لأنه يعرف نتائجها وآثارها ،وأنها اللباب وغيرها القشور)
(إلا أن لصوص العقول، أفتك من لصوص الأموال ..،وإن اللصوص الذين أعنيهم لصوص عقول يتحكمون بأبنائكم في مطارح هجرتهم إلى العلم يصدونهم عن ذكر الله وعن الصلاة وعن العلم ، إلى أحاديث يزوقونها لهم ..، ويصرفونهم عن كتب العلم ودروس العلم، إلى جرائد حزبية مملوءة بالكذب والنقائص والمهاترات والسباب)).
ويقول الشيخ البشير "شغلوهم بالسفاسف الحزبية حتى اصبح المقهى احب اليهم من الجامع ،والجريدة احب اليهم من الكتاب،و المناقشات الحزبية اشهى اليهم من المذاكره العلمية"
وكان هذا رأى الشيخ الابراهيمى وموقفه من الانهماك فى الماجريات.
النموذج الثانى نموذج مالك بن نبى (الدروشة السياسية)
يقول السكران : من الواضح طبعا ان الدرس الرئيسى من نموذج مالك بن نبى هو انه يرى ان الحضارة لا تبنى بمجرد الخطابات السياسية الحقوقية بلغة المطالب المباشرة وان تصور ان هذه هى وحدها التى تبنيها حالة من الدروشة السياسية وانما يبنيها الفعالية عبر تحريك المجتمع تجاه استحقاقات التقدم بالمشروعات العملية ،هذه خلاصة رؤية مالك بن مبى وهى دعوة الى التوازن لمواجهة الافراط الجماهيرى فى الانشغالات السياسية.
النموذج الثالث نموذج ابى الحسن الندوى (التفسير السياسى للاسلام)
وينتقد ابو الحسن الندوى فى هذا النموذج الانشغال فى السياسة وجعلها الغرض الاساسى للاسلام وينتقد ايضا جعل الغاية الكبرى الوصول للحكم حيث اشار ان الحكم والسلطة نتيجة وثمرة للعمل والدعوة وليست غاية تقصد ابتداء.
النموذج الرابع نموذج عبدالوهاب المسيرى(السياسة الحدثية)
نموذج مهم فى الانعزال النسبى او الانقطاع الوقتى حيث ذكر المسيرى انه حين كتابة موسوعته اليهود واليهودية والصهيونية كان وقتها حرب ٦٧ و٧٣ وعلى الرغم من جلل الأمر الا انه كان أخذ على نفسه العهد بأن يكمل الموسوعة الكبيرة خاصته ويؤكد انه من الصعب ان تتفرغ للكتابة الحدثية اى الكتابة الدورية تعليقا على الاحداث وان تكتب كتابة معرفية كلية.
ويلخص السكران موقف النماذج من الانهماك فى متابعة الماجريات كالآتى :
ثم أقارن ذلك بطوائف كثيرة من الشباب المسلم في أثمن لحظات التحصيل العلمي وقد استسلموا لخطام الماجريات تسوقهم بين ضجيج الجدليات والمهاترات؛فإني استرسل مع التساؤلات : هل يمكن يا ترى أن يصل هؤلاء الشباب إلى تحصيل علمي وإنتاج معرفي عميق وهم بهذه الحالة الماجرياتية؟! وإذا وازنا بين نموذج المسيري والنماذج السابقة فيمكن لنا القول بأن البشير الإبراهيمي ناقش الماجرياتيين السياسيين من خلال آلية «إعادة التعريف»، وهي آلية معروفة في المنهج العلمي ، أعني «إعادة تعريف السياسة» ذاتها بتقسيمها إلى الباب وقشور، وأن العلم والتربية وبناء الأمة هو لباب السياسة، بينما الاستغراق في الماجريات السياسية هو قشور السياسة، وأما مالك بن نبي ناقش الماجرياتبين السياسيين في مستوى «التأصيل الفكري» لهذا الاشتغال الماجرياتي وكشف أن من توهم أن النهضة والحضارة والتقدم تكون بالاشتغال الماجرياتي السياسي والمطالبة الحقوقية المجردة فهو يعيش «دروشة سياسية»، وإنما تنمو النهضة والحضارة بمنطق العمل والإنتاج في الواقع والمجتمع، بينما رأينا الندوي يناقش ذات الموضوع على مستوى «التأصيل الشرعي وخطأ رفع الاهتمام الماجرياتي السياسي إلى درجة جعل غاية الأنبياء ومقصود الشرائع هو المشروع السياسي، وأما المسيري فقد عالج الموضوع من زاوية مختلفة فهو يتحدث في تجربته الثقافية أن الانهماك الماجرياتي والانخراط في دوامة الآحاد والأعيان والأحداث اليومية يشوش التفكير الكلي ويقلص القدرة على إبداع المفاهيم والمنظورات والتقعيدات والتأصيلات العمومية فضلا عن أنه يختلس الوقت .
والمبهج في كل هذه التجارب الأربع أن أصحابها أكدوا في صيغ متنوعة أن مقصودهم «التوازن» وليس قطع العلاقة المباشرة مع الواقع والشأن العام . هذه موازنة ومقارنة إجمالية بين النماذج الأربع في الموقف من الماجريات السياسية والتي سبق لنا تحليلها وقراءتها.
الكتاب ماتع وسلس ويؤصل لمعنى الماجريات الحالى ويعرض نماذج لأناس مثلنا استقوا المعرفة العلمية اولا ثم قاموا لاحقا بالتغيير بدون الخوض فى مهاترات سياية وحزبية وانتخابية وهمية وترك باطن الأمة فارغ بلا مبدأ ولا علم ولا عمل فقط حقوق ما بعد نجاح الحزب فى الانتخابات.
وفى الختام فك الله أسر الشيخ ابراهيم السكران وامثاله الشيخ سلمان العودة وعبد العزيز الطريفى وم/ ايمن عبدالرحيم ود/ حسام ابو البخارى وكثير ممن فى سجون الظلم والفساد
وصدق الشاعر اذ قال :
خنافسُ الأرض تجري في أعِنَّتِها * * * وسابحُ الخيل مربوطٌ إلى الوتدِ
وأكرمُ الأُسْدِ محبوسٌ ومُضطهدٌ * * * وأحقرُ الدودِ يسعى غير مضطهدِ
وأتفهُ الناس يقضي في مصالحهمْ * * * حكمَ الرويبضةِ المذكورِ في السنَدِ
فكم شجاعٍ أضاع الناسُ هيبتَهُ * * * وكمْ جبانٍ مُهابٍ هيبةَ الأسَدِ
وكم فصيحٍ أمات الجهلُ حُجَّتَهُ * * * وكم صفيقٍ لهُ الأسماعُ في رَغَدِ
وكم كريمٍ غدا في غير موضعهِ * * * وكم وضيعٍ غدا في أرفعِ الجُدَدِ
دار الزمان على الإنسان وانقلبَتْ * * * كلُّ الموازين واختلَّتْ بمُستندِ -
عليّ أن أسجل إعجابي بداية باختيار العنوان [ الماجّرّيات ] الذي هو بنفسه كتاب!
ومن ثم أثنّي بجمال أسلوب الشيخ -فكّ الله أسره- في ضمّ المتشابه إلى بعضه وجودة تحليله للمتفرقات فيما لا يظهر أنها تتشابه.
النماذج التفسيرية التي اعتمدها كانت رائعة (الإبراهيمي - الندوي- مالك بن نبي - المسيري - فريد الأنصاري ) والأجمل منها هو الاستمدادات التي أخذها بعضهم من بعض ( كمالك بن نبي والأنصاري).
حتى الشرح للسير الذاتية للمذكورين كان فيه شحذ للهمم واستنهاض للإرادات النائمة.
يعجبني في الشيخ أنه يسأل الأسئلة التي تخطر ببالك ويجيب عنها، ولم يكن مقدساً لأحد من النماذج المذكورة، بل عارضها كلها بما يؤمن به ووضع نقاط الاختلاف عليها بأدب وحكمة.
الكتاب يصلح مدخلاً لفهم علاقة طالب العلم بالشبكات الإجتماعية، وينفع أيضاً في فهم نفسية العلماء وبعدهم عن "ماجريات السياسة".
يمكن أن يفهم الكتاب كلها بكلمة قالها الشيخ في خاتمته حين قال:
"ستبقى المسألة أولاً وأخراً مسألة (توازن) ويجب ألا نستسلم لحالة الانجراف في دوامة الماجريات بسبب تتابع كثير من الناس على ذلك، ويجب أن تكون هناك نقطة توقف تعاد فيها الحسابات بشكل دقيق.. ولا شيء أكثر حزناً من أن يتوهم الماجرياتي أنّه في قلب عملية التغيير وفقه الواقع وهو مجرّد مراقب متفرج لا غير". -
القراءة الثانية ولا زلت عند رأيي فيه، كتاب عظيم وكتاب للعصر ومداخل متميزة خصوصا للإبراهيمي وابن نبي
كتاب عظيم، وأعظم ما فيه هو الجزء الأوَّل الذي تحدث فيه عن كيفية تشكل الماجرياتي ومآلات الماجريات عليه،ة والباقي عظيم أيضا لكنه ليس بنفس تأثير هذا الباب! -
مدخل: “الاستغراق في واقع الحياة يجعل النفس تألفه وتستنيم له، فلا تحاول تغييره” *سيد قطب.
“الماجريات” هذه المفردة التيمية المصدر في استخدام أبو عمر لها، والمعروف بحبه وذكره المتكرر لابن تيمية فرج الله عن محبه ورحم محبوبه، وتفسير هذه الكلمة المركبة تركيبا مزجيا مأخوذ من “ما” و”جرى” بعد إضافة “ألف التعريف” ثم جمعها “جمعا مؤنثا سالما”، لتصبح ما هي عليه الآن، وهي كلمة تطلق بمعنى الأخبار والأحداث، لتصير في كلام علماء السلوك الإسلامي للتعبير عن اشتغال المسلم بالأخبار والحوادث التي لا نفع فيها، وقد نقلها المؤلف من حديث ابن تيمية في مجموع فتاواه :”فإن الإنسان إذا لم يخف من الله اتبع هواه، ولا سيما إذا كان طالبا ما لم يحصل له ، فإن نفسه تبقى طالبة لما تستريح به وتدفع به الغم والحزن عنها وليس عندها من ذكر الله وعبادته ما تستريح إليه وبه ; فيستريح إلى المحرمات من فعل الفواحش وشرب المحرمات وقول الزور وذكر (ماجريات) النفس والهزل واللعب”.
ومن هذه المفردة انطلق ببحثه، وأطلق العنان لخواطره التي انهالت بحرارة المحب المشفق على إخوانه، المدرك لمخاطر انشغال رجالات العلم وأفذاذه بماجريات العصر عن مقاصد الدين، وبين كيف أن لهذا الاشتغال من التأثير على طالب العلم، حتى إنه في نهاية مشواره لينشغل بالجزئيات والسفاسف وتنحط همته إلى ذلك، ليصعب عليه رفعها بعد ذلك والتشدد والجدية معها في إعادتها لمسارها، فيثقل عليه العلم ومتونه، والعمل وميادينه، لما رأى من الانشغال بهذه الساحات والميادين ملاذا يحصِّل به ما يشبع رغبات نفسه، والتنفيس بما يجول في خاطره.
تحدث عن المواضيع المتعلقة بمبحثه والمندرجة تحته، كالحديث عن الإدمان الشبكي في مواقع التواصل والمنتديات، وما خرج من بحوث علمية وأمراض معترف بها رسميا وعالميا تحت ضغط هذا الانشغال، فمن الأمراض المتعلقة بهذا المجال والمشاكل المرتبطة به:
-إدمان التواصل الشبكي (والذي يشابه في أعراضه إدمان التدخين ونحوه من أمراض الإدمان السليطة والصعبة العلاج).
-التصفح القسري (الشعور بالحاجة للتسلل للتصفح في كل لحظة سواء كنت في اجتماع أو تقرأ كتابا، فإنك لا تستغني عن هذا التسلل).
-الأعراض الانسحابية (الشعور بالقلق والانزعاج والتوتر حينما تنقطع عن الشبكة اختيارا أو إجبارا).
-التصفح الملثم (محاولة إخفاء الوقت الحقيقي لتصفحك، وخداعك لنفسك أو من حولك بذلك، ويأتي هذا كأحد أعراض إنكار الوقوع في الإدمان :).
-إدمان البيانات (الكثرة المفرطة للبيانات التي تجعل المرء في حالة لهاث في محاولة جمعها واستقصائها ومن ثم الانشغال بها عن مقصوده).
-تسلسل التصفح (وهو ما تغريك به الصفحات المرفقة بالروابط، والتي تجرك بدورها لروابط أخرى لتكتشف بعدها أنك تائه عن مقصدك -حدث ولا حرج عن هذه :)-).
-النبأ المتدحرج (الانشغال ليس فقط بالأنباء، بل وبتعقيب فلان على هذا النبأ، ومن ثم رد فلان على فلان ذاك -ويا ساتر على المهزلة التي تعقب ذلك والهاشتاقات السخيفة التي تطفو على السطح بسبب ذلك :)-).
-لحظات التسلل (التسلل من المذاكرة أو قراءة كتاب أو الهرب من واقع مر إلى الشبكة).
-الاستمراء بمواطأة النظراء (استمراء المحرم والمنكر لكثرة مشاهدته، وكثرة مشاهديه -وهذه تنكأ الجرح وتدميه، فأثرها ملحوظ لدينا وبشكل فاضح وفج عفا الله عنا وعاملنا برحمته-).
-المهاترات الشبكية (وذلك ما يحدث من جدل عقيم ولغو لا يبنى عليه شيء سوى مضيعة الوقت وتقليل القدر).
-شلل المقدرة الاستدلالية (وذلك لطبيعة المجتمع الشبكي المفتوح، فيطفو الباطل ويعلو على الحق، فيستدل بكثرة قائليه على صحته، وقد يتأثر كثير من الناس بمشاهدة كثرة أتباع الباطل).
وهذه المصطلحات أظنك بمجرد قراءتها صنفتها تلقائيا تحت مسمى “مشاكل” أو “أمراض” الشبكة العنكبوتية، ولا يخلو أحدنا من أن يعاني من أحد تلك المشاكل، ولقد وجدت نفسي كثيرا بين السطور، بل إنني أخجل من ذكر أنني وقعت في الفخ الذي حذر منه مرارا، وهو فخ التسلل للجوال حين قراءتك لكتاب ما، وعدم مقاومة الشعور بالحاجة إلى ذلك، وذلك أثناء قراءتي للكتاب :)💔
بعد ذكره العجل للمشاكل المتعلقة بماجريات الشبكة، أفرد بعد ذلك الحديث عن الماجريات السياسية، والذي أجده المهيمن والغالب على طابع الكتاب، بل أميل إلى وصف الكتاب في حديثه ونماذجه إلى أنه مرتكز على هذا الجانب، بالرغم من وجود جوانب أخرى أجدها كثيرة ومتعددة لماجريات العصر، كالاشتغال بأخبار الرياضة، والترفيه، والفنانين، ومشاكلهم، وفضائحهم...إلخ، وهذه كثيرة ومشاهدة، لكن يبدو أن لطبيعة من يماشيهم المؤلف ويتألم من واقعهم سببا في تركيزه على الجانب السياسي، وهو ما دعاه لذلك، وإلا فإن المجالات في ذلك واسعة ومتعددة، والمصائب والبلايا فيها كثيرة، لذا أحببت التنويه إلى ذلك، ليعلم مضمون الكتاب وموضع تركيزه، والذي أجده المهيمن على مضمون الكتاب.
وفيما يخص هذا الفصل فإن المؤلف آثر الحديث فيه بذكر أمثلة ونماذج يحتذى بها، ويحبها الشباب الإسلامي ويفتتن بها، على أن يتحدث ويسهب بنقولات ومعان متفرقة من بنيات أفكاره، ليقول لنا: بتلكم الأمثلة التي تنشدون الوصول إليها أبين لكم مكامن أخطائكم، وتباين المنهج بينكم وبينهم، وقد كانت منهجيته في ذكر هذه النماذج أن يذكر:
“محيط النموذج“ وهو تقريبا سرد للمحيط الذي نشأ فيه، واستعراض لتاريخه ما قبل “منتجه الفكري”، وفي هذه المرحلة كان استعراضه انتقائيا [إلا أن انتقائيته أعجبتني، للتقارب الفكري والثقافي، فما يهم��ي معرفته أو تحليله فيما يخص هذه الشخصية هو ما يهم المؤلف كذلك، وهو ما قد لا يلفت مؤلفا آخر في استعراضه لتلك النماذج] ، فهو لا يلتزم بصورة موحدة، فقد يذكر في ماضي هذا ما يلفت نظره في جانب، وفي ماضي الآخر ما يلفت نظره في جانب آخر، بل وقد يستطرد بالحديث عن مواقف وأحداث لها صلة بإحدى الأحداث المتعلقة بهذا الرجل، بل وقد يناقش أمرا يخص هذا المفكر مبديا رأيه فيه باختصار، كما فعل مع المسيري حين استعرض رأيه فيما يخص العلمان��ة الجزئية، وأنا هنا بدوري سأستطرد كما فعل، وأطلب ممن يحب المسيري ويطلع على أعماله أن يذكر رأيه فيما أورده المؤلف، فقد ذكر أنه ورغم ما شاع من انح��از المسيري للعلمانية الجزئية وقوله بها، إلا أنه يرى أن في ذلك إساءة فهم له، فقد يكون ذلك بخيانة ألفاظه له، وذلك للتعبير عن العلمانية الجزئية بأن المراد بها الجانب الفني في الممارسة السياسية ونحوه، لا فصل الدين عن الدولة حكما وتشريعا، وقد ذكر عدة مواضع تبين فعلا تعارض قوله بذلك معها، كاعترافه بتتالية العلمانية وأن العلمانية في جانب ما تلبث أن تتوسع مع الزمن لتشمل أمور الحياة كلها، كذلك محاربته العلمانية حتى في الملبس والمأكل والتي من باب أولى تنطبق على السياسة والتدبير، كذلك اعترافه بأن مفهوم العلمانية مضلل وملتبس ولو كان بيده الاستغناء عنه لفعل، وغيرها من الأمور، ولا أقصد إدخالكم في هذا الجدال الخارج عن الموضوع، وإنما كمهتمة بالمسيري يعنيني معرفة صحة ما ذكر من عدمه، فإن كان لأحد معرفة فيما يخص ذلك فليذكر ما يعرفه مشكورا في التعليقات، وأعتذر مجددا على الاستطراد البعيد والطويل 🙈.
وتحدث كذلك عن “مكونات النموذج” وتحت هذا العنوان أورد العلاقة بين مقصود كتابه “عدم الاشتغال بالماجريات السياسية عن العمل الدعوي والإصلاحي” وبين النموذج، كيف تكون، وإلى أين وصل، ورأيه بلسان الحال أو المقال فيما يخص ماجريات السياسة والانغماس فيها.
والنماذج التي ذكرها هي:
-البشير الإبراهيمي [وقد خجلت من عدم معرفتي بهذه القامة العلمية والعملية العظيمة إلا معرفة خاطفة بالاسم ودون تمييز]: تحدث عن سيرته ومبتدئ طلبه للعلم، ولقد أذهلتني ملكة الشيخ في حفظ القرآن والمتون والمعلقات والألفيات وهو دون العاشرة! فقد كان يملك ذاكرة فولاذية + ووقتا مرهونا في سبيل العلم = مما أنتج شابا حافظا ملما بالعلوم وأصولها، وفي تلك المرحلة تكونت ملكته الفكرية، بل وتحولت لواقع عملي، فقد فقه الواقع وأصلحه دون أن يذوب في ماجرياته.
-مالك بن نبي: الانتقال من الاستغراق في الماجريات كسلوك عملي، إلى مناقشة التأصيل الفكري لهذا الاستغراق في الماجريات السياسية.
-أبو الحسن الندوي: والذي توصل بفهمه للواقع ومناقشته للرسائل الغالية في الدعوة للانشغال بماجريات السياسة إلى أنها تحوسل الدعوة في سبيل السياسة لا العكس، وهو ما دعا إليه وناقشه في أطروحته: مناقشة حالات التصعيد في التورم الماجرياتي السياسي، الذي يتعدى الاهتمام العملي المفرط بالصخب السياسي، إلى تأويل الإسلام نفسه بأن غرضه المشروع السياسي، وأوضح مآلاتها الأربعة: أنها تفضي إلى التزهيد في مقاومة شرك العبادة والألوهية باعتبارها شركيات بدائية - توهين الشعائر باعتبارها وسائل للمشروع السياسي - الجور على المطالب العلمية والدعوية والتربوية والإيمانية والثقافية لصالح التورم السياسي - سوء الظن بفقه السلف بأنهم لم يفهموا القرآن.
-المسيري [وقد استمتعت كأحد عشاق المسيري في حديثه العام عنه ومحاولة تلخيصه لأهم الخطوط في مسارات المسيري وتحليله لها تحليلا أطربني، وتمنيت لو كان له مبحث مستقل في تحليل فكر المسيري وتأريخ أفكاره، إذ المحلِل والمحلَل ممن أحترم عقلهم وفكرهم]: والذي اشتغل في كتاباته بالبنى المعرفية دون الأحداث اليومية، بل وذكر أهمية العزلة المؤقتة عن الأخبار والأحداث اليومية، والتي تسرق من جهد الباحث وطاقته وتقلل من قوة بنيته المعرفية، باهتمامها بالسفاسف وتأثرها بالجزئيات، فقد أورد المسيري مرارا في رحلته الفكرية حاجته للعزلة حتى حين الأحداث الهامة آنذاك من الحروب العسكرية والصدامات السياسية، فقد اعتزل حينها التلفاز وتفرغ لموسوعته، تفرغا أنتج لنا منتجا محبوكا متكاملا لا غنى عنه، بل وبه يستغنى في مجاله، بل وبعد انتهائه منها، وانتشار القبول لها ورواجها في وسائل الإعلام، أتته الدعوات، وانهالت عليه اللقاءات، فلما قبل بعضها ورأى كيف أن انشغاله بالتحضير لها أشغله عن مواصلة كفاحه، ارتأى تأليف شعار يتمسك به أمام تلك الدعوات: “أنا أفكر، إذن أنا غير موجود :)” وذلك للهرب منها إلى عمله وبحثه.
-فريد الأنصاري: ولا أعلم شخصية علمية أو دعوية منحت هذه الإشكالية اهتماما وتأليفا كالأنصاري كما ذكر المؤلف، حيث كتب في تأصيل إشكالية العلاقة بين الحقل السياسي والمشروع الدعوي أربع مؤلفات: (الفجور السياسي، التضخم السياسي، الأخطاء الستة، الفطرية) وقد وصل المؤلف لهذه المرحلة عن طريق مروره بالأخطاء التي حذر منها، فقد بدأ في الإصلاح السياسي، وخالط الواقع السياسي، ليتنصل منه رويدا رويدا، لما وجد من مشاكل، وعدم ترتيب للأولويات، واختلال في المقاصد، وعثرات في المناهج، وقد أوصله ذلك لمرحلة تكاد تكون قريبة من التصوف السياسي، والدعوة لنبذ السياسة والانشغال بالدعوة انشغالا صرفا، مع ترك السياسة لأهلها، ونفي العلاقة بين السياسة والدين الإسلامي [وهو في مؤلفاته الأخيرة قد توصل لمرحلة فصل الدين عن السياسة وإن تلميحا لا تصريحا، وذلك بالطبع ما لا أتفق فيه معه ولا المؤلف كذلك]، وما أوصله لذلك هو الغلو في متابعة الماجريات السياسية من الإصلاحيين من حوله، وذوبانهم في هذا العالم، وانغماسهم فيه انغماسا يكاد يفقدهم الهدف الحقيقي من إصلاحهم.
في نهاية كتابه ذكر بعض الأفكار واللمحات في محاولة مجابهة هذا الداء، منها:
-فكرة الصوم عن الأخبار: وهي استراتيجية علمية مثبتة في “الطب التكاملي”، وقد ذكر عليها مثالا عتيقا من السلف في فعل ذلك، فقد ورد أن التابعي الجليل مطرف بن عبدالله بن الشخير قال: “لبثت في فتنة ابن الزبير تسعا أو سبعا، ما أخبرت فيها بخبر، ولا استخبرت فيها عن خبر”، وقد ذكرنا عن المسيري اتباعه لذلك الأسلوب أيضا، وينصح بها كاستراتيجية مؤقتة لتحقيق هدف ما، أو اعتزال مرحلة ما.
-امتيازات الفتوة العلمية: استغلال مرحلة الفتوة وما تمتاز به من حماسة وطاقة وفراغ في الوقت وقدرة على التكوين العلمي للانكباب على العلوم وعدم الاشتغال بغيرها، إذ ثبت أن هذا العمر ذهبي، وبمعرفتك لذلك تتحرك همتك للانكباب على العلم، لا الماجريات.
-الغيرة على الزمن: وهذه العبارة والتي قد تبدو لك غريبة، إلا أنها وردت في كتب القدماء، فقد تحدث عنها ابن القيم، فقال: "وكذلك يغار على أوقاته أن يذهب منها وقت في غير رضى محبوبه"، فاجعل من الغيرة باعثا ينهاك عن الانشغال في الماجريات.
-التعبير عن الزمن كأنفاس: فقد ذكر ابن القيم أن الأوقات تعد بالأنفاس، وتذكر ذلك يجعلك تقدر من قيمته، وتعي مدى خسارتك بالتفريط فيه.
-القياس إلى فضول العلم: فقد تحدث العلماء عن الانشغال بالمواضيع العلمية التي لا يبنى عليها عمل بالتزهيد فيها، ونبهوا من الانشغال بها، فكيف بالانشغال بمماحكات ومهاترات لا عائد منها ولا طائل.
-مصارف طاقة التفكير: وقد تحدث العلماء عن أن التفكير له طاقة وحد، وإشغالك له في السفاسف يقلل من عمره العلمي، ويضعف من ملكاته.
-استبحار العلم: فمعرفتك بأن العلم بحر، وأن العلماء الذين أفنوا أعمارهم بالتأليف والكتابة فيه لم يصلوا بعد لمبلغهم، وما اعترف أحد منهم إلا بالقصور وعدم القدرة على الإحاطة، فكيف بمن ضاع عمره ووقته في غير ذلك، كيف سيجتمع له العلم، وقد جمع معه السفاسف والماجريات.
أخيرا: فالمؤلف بدراسته هنا عين حدود مراده ومقصوده عبر توظيف خمسة تمييزات:
١- التمييز بين فقه الواقع والغرق في الواقع.
٢- التمييز بين المتابعة المتفرجة والمتابعة المنتجة.
٣- التمييز بين المتابعة زمن التحصيل والمتابعة زمن العطاء.
٤- التمييز بين توظيف الآلة والارتهان للآلة.
٥- التمييز بين فصل السياسة ومرتبة السياسة.
وبتمييزك بينها تكون قد حققت التوازن، وأمسكت العصا من الوسط، أسأل الله أن يرزقنا الانشغال بتحقيق رضاه، وأن يقينا شر الملهيات، فليس شرها ينبع من كونها تلهيك عن مقصدك وتنسيك مطلبك فقط، بل لأنها كذلك تحرمك من استعمال أدواتك المعرفية كما يجب، فأذكر قديما حينما كنت أنشغل بخبر سياسي ويشغلني ملاحقته وملاحقة تفصيلاته، أنني أسلب القدرة على النظرة العامة والكلية للحدث بل ولعصره، فأبتلى بقصر النظر، وتهويل الحقير، وتهوين الكبير، بل إنني أتذكر أول مرة قرأت فيها البداية والنهاية لابن كثير، وكيف أنه لفت نظري إلى معرفة التاريخ وحتمياته، والتعرف على نماذج مدمية ومراحل مستضعفة، شعرت بعد الاطلاع عليها بمدى سذاجة وقصر نظري للأحداث من حولي، وتهويلي للأفعال السياسية لفلان، وتشاؤمي من الواقع وتغييره، واطلاعي السريع على التاريخ، بين لي أن الانغماس في الجزئي أعماني عن تقديره كما يجب، والذي لا يحدث لو أني اطلعت على الكلي، ناهيك عن أن الانشغال به يقتل وقتك وهمتك ويستولي على طاقتك، فلا يبقى للانشغال بالإصلاح وقت ولا جهد ولا طول نفس وجميل صبر على ذلك!
والمجرب يعي كل ما ذكره المؤلف ويؤيده بلا شك، فلا أحسن من النهوض لتكون أنت ماجريات عصرك، وحديث قومك، بدل الحديث عنهم، والانشغال بأخبارهم.
مخرج: “لا شيء أكثر حزنا من أن يتوهم الماجرياتي أنه في قلب عملية التغيير وفقه الواقع، وهو مجرد مراقب ومتفرج لا غير!” *المؤلف. -
بالتأكيد متابعة الماجريات شيئٌ سيئ إن كانت تلهي عن طلب العلم وعن التأمل والتفكر والتحصيل .. لكن إذا كان البديل هو ما يفعله بعض الشباب من متابعة التافه من وسائل التواصل الإجتماعي والردئ من الأفلام والمطالعات فحتماً هي أفضل من إضاعة الوقت فيما لا قيمة له !!
-
بداية أشكر أخي سالم سيف على إهدائي الكتاب
تم سلب نجمة من التقييم تعصبا لبلاد الشام... حيث أن المؤلف لم يقدم نموذجا شاميا لموقف علماء الشام من الماجريات
بعكس أخي محمد الجابري، أجد أن موضوع الدراسة مهما وليس عاديا، حيث أنه يتناول موضوع الإستغراق في الماجريات من الناحية الفكرية والعملية وليس من الناحية الوعظية أو الإرشادية، مقدما نماذج لمفكرين/علماء مسلمين وكيف كانوا يغتنمون أوقاتهم في الإنتاج وكيف كانوا يتعاملون مع ماجريات الحياة وموقفهم الفكري والنقدي من هذا الموضوع
وكعادة المؤلف في الإستطراد المنضبط، يحوي الكتاب بين طياته فوائد كثيرة ومهمة تزيد من متعة مطالعته -
"الماجريات' لعمر السكران
منذ قرابة العامين قمت بإغلاق حسابي على موقع فايسبوك لعدم تحملي سيل ا��أخبار والأحداث المشؤومة والترهات التي تترتب عليها، وقمت بإنشاء حساب على موقع تويتر بحثا عن بعض الهدوء وإذا بي أجد أن تويتر يزيد عن الفايسبوك ثرثرة بل و عدوانية، فلا تمر بضع دقائق إلا ويظهر تريند جديد فيقوم مختلف الناس بمختلف آرائهم وخلفياتهم بالتعليق عليه من خلال خاصية الريتويت فيقوم بنشر تغريدته معبرا عن رأيه وتمر الثوان ويقوم شخص آخر برأي مخالف بعمل ريتويت آخر على الريتويت السابق معبرا عن رأيه مصحوبا بإستياء شديد من الآراء المخالفة له ولا تخلو بعض الأحيان من قليل من السب والعبارات البذيئة والمستفزة للشخص الآخر ومن ثم تحدث الريتويت التالية ذات الرأي الم��الف وهكذا دواليك دون نهاية حتى ظهور التريند الجديد.
من خلال تلك القصة القصيرة وددت شرح معنى كلمة "الماجريات" التي استوقفتني كثيرا عند سماعي لإسم الكتاب لأول مرة. الماجريات هى جمع كلمة "ما جرى" وقد آثر السكران إستخدامها عنوانا لكتابه لإبراز مدى أهميتها، فالمجريات هى المعرقل الأساسي لشباب المسلمين من خلال إنهماكهم فيها والدوران في فلكها الذي لا ولن ينتهي، فهم ينشرون منشورات ويقومون بنشر مقاطع ويجتمعون على المقاهي لمناقشة الماجريات والتعليق عليها ظنا منهم أنهم بذلك يقومون بدورهم في الإصلاح وهم حقيقة يبددون طاقتهم وفكرهم دون إحداث أي فرق بل وينشغلون عن طلب العلم والقيام بأدوارهم الإصلاحية ويكونوا مؤثرين.
ويوضح السكران بإستخدام دراسات سيكولوجية ونفسية من جامعات مختلفة مدى تفاعلنا مع الماجريات وكيف تؤثر علينا وعلى صحتنا النفسية والعقلية، ثم انتقل لدراسة أربع من علماء المسلمين وكيف تعاملوا مع الماجريات خصوصا السياسية وكيف في خضم ذلك كانوا مؤثرين في المجتمع بل وفي التاريخ وكيف كرسوا طاقتهم وجهودهم في طلب العلم ومن ثم لنشره.
وأخيرا أريد أن أبدي إعجابي الذي طالما رافقني طيلة قراءتي للكتاب بأسلوب الكاتب اللغوي وإستخدامه لمفردات وتركيبات لغوية فريدة مما يجعلني ميقنة أنها لن تكون قراءتي الأخيرة للكاتب. -
لما تيجي تدخل أي كورس أو دورة أو حاجة المفروض قبل ما بتاخد أي خطوة في التسجيل بتسأل " هو أنا مستوايا ينفع مع الدورة دي ؟ ولا الدورة دي تحتاج متطلب سابق "
لو اعتبرنا الفيس بوك اللي بتضيع عليه نصف يومك إن لم يكـن أكثر ، والانترنت عمومًا كورس ف المتطلب السابق بتاعه حاجات كتير من أهمها كتاب " الماجــريـــــات "
الكتاب بيوصف الحالة بعناية ودقة شديدة ، لغة عالية وأسلوب رائع وتحس بالأصالة الشديدة وأنت بتقرأ الكتاب في نفس الوقت اللي هتلاقي فيه السلاسة والوضوح وسعة الإطلاع وإزاي ده كله بينصهر في بوتقة واحدة علشان في النهاية يعالج مشكلات المجتمع ودي مهمة من مهمات المثقف والمعلم والعالم في كل الأوقات .
الكتاب صغير في الحجم تقريباً حوالي 350 صفحة يعني مش هيطول معاك خالص ، وهو سهل جدً يعني هتدرك المعاني الأساسية اللي فيه بسهولة شديدة
أتمنى من كل قلبي إن الكتاب ده الناس كلها تعرفه وتقرأه وتفهمه وتتكلم عنه .
وكفاية جدًا إن الكتاب ده من توصيات الحبيب وهو بيقول :
" كتاب فوق الرائع ، فوق الرائع ، فوق الرائع "
" اقروا الماجريات يا اخواننا ، اقروا الماجريات " -
أول قراءة للأستاذ السكران، كانت سببا في رسوخ قناعةٍ عندي أن بعض شباب هذا الجيل قد بارك الله فيهم وفي سعيهم وأفهامهم، الكتاب قيم جدًّا وذكيّ بما يثير استغراب الواحد من كون كاتبه شابًا بكل هذا الإلمام وعلو التفكير ونباهة الاستدراك على رموز كبيرة استدراكاتٍ صحيحة وممتعة الحجة، فضلًا عن معرفة أنه خاض رحلةً من الليبرالية للسلفية ثم هو الآن في السجن وعمره أربعة وأربعون عامًا فقط، بوركت الأعمار والله!
وددت لو لم أتأخر كل هذا التأخير في القراءة له. -
بعد تأخير طويل .منذ سنة 2019 وهذا الكتاب في
خطة القراءة حاولت مرتين ولم أكمل لدرجة قلت لن أقرأه
لكن في حديث لي مع الصديق العزيز أحمد حول التشتت وانشغال بالأحداث اليومية الهامشية على حساب الأهداف.رشح لي أن أقرأ هذا الكتاب. توجهت للمكتبة وإستعرته وكل عقلي أنني لن اقترب منه.ثم جاءت الصدفة والظروف لاجد الكتاب أمامي بغلافه الأزرق الجميل يغمز لي في دهاء.فتحت صفحات الأولى بدافع الفضول فوجدتني اكملت المقدمة وبعدها أصبح هذا الكتاب من روتين اليوم.
أعجبني الكتاب لمجموع من الأسباب :
السبب الأول حرصه على ذكر ظروف نشأة والمحيط العام لكل نموذج من خمسة نماذج التي اختارها ساعدني ذلك على تصور العام ومعرفة ولو جزئية بالأفكار والشخصية.
السبب الثاني:تنوع الجغرافي والفكري النماذج.
السبب الثالث خدمة كل نموذج لهدف العام الا وهو خلق توزان بين الغرق والانعزال التام.
السبب الاخير خرجت بترشيحات كتب جيدة
كم اشتقت للقراءة هذا اول كتاب بعد قرابة سنة من عدم القراءة لهيك نوعية من الكتب.
يعييشك برشا احمد على الترشيح.
24/2/23. -
« لم يكن يفترض لي أن أقرأ هذا الكتاب، فقد أدخلني في عالم أشعر أنني في غنًى عنه في حالي هذه»
هذا ما قلته لنفسي حين أنهيته، لماذا أنهيته إذن؟ إنها عادة قديمة لا تفارقني أبدا ..
ما شأني بالسياسة وأحوالها ولبابها؟ نعم ما شأني بها؟ أردت فقط أن أفهم كيف تلهينا هذه " الماجريات " عما هُو أولى وأهمّ.. لكنّني وجدت نفسي في موضع آخر مختلف.. مدحٌ ونقد لعلماء ومفكّرين وتأمّل في ما قدّموه، كلّ هذا كان سيكون له أثر مختلف لو ذهبت إليه بنفسي، لكن أن يأتي إليّ في وقت خلوة وتفكّر.. فلا أراه قد نفعني في شيء..
في الحقيقة، لقد ركّز السّكران على الماجريات السياسية بنظر وتحليل كبير يشوّش على من لا يتعاطى السياسة ولا يأبه لها، كلّ هذا التركيز لم يتناسب مع ما يُوحي إليه عنوان ومدخل الكتاب.. نعم لقد حلّل بعمق، لكنّ هذا العمق لا يناسبني، على الأقلّ في مثل هذه الحال ..
--
هل أرشّحه؟ بالتأكيد سأفعل .. لكن ليس لأي أحد، فإن كنت تحبّ أن تعمل على ظاهرة " الانشغال المعمّم بالسياسة " بين أوساط الشّباب في أوج عطائهم.. فهذا الكتاب سيساعدك، سيعطيك مصادر أخرى تستسقي منها كثيرًا.. لكن إياك أن تذهب إليه لمجرد التسلية
!
___
تمّت
ذو القعدة 1438 -
كتاب يثير في قلبي شجن غريب، ويطول فيه نظري، وكل مرة أتردد في تسجيله هنا، كغيره كثير، فلا أدري كيف أقيم كتابًا يلامس شغاف قلبي، ولا أدري كيف أدرج بعضًا وكأنه مقروء وانقضى وهو قد ملأ علي عقلي وأخذ مني ما أخذ من الحزن والاشتغال النفسي والفكري..
في تفاصيل ما يروي جمال بديع، ليس الأمر في المعلومة، ولا بفكرة عامة عن المكابدة، بل كأنك رفيق مآسيهم، فتعرف أنك إن عرفت فلزمت ضرائب باهظة، تدفعها أبيًا عزيزًا أو خاسئًا مكسورًا..
تعرف في كتب ابراهيم السكران لمسة لا تجدها في غيره!
فيحمل مزج فريد وقد تنقل بين يد أمزجة ومنظومات مختلفة فبنى رؤى عميقة متعرضة لنقد حكيم فاتزنت وترتبت، فيعطي للرجال حقوقهم ولا يمنعه ذلك عن حق يبدو له منه جانب!
إلى جانب عمله ومواقفه المختلفة..
ما يحملني على التأدب مع كل خلاف يظهر لي معه، فأنا أنظر في كيف يعمل عقله قبل النظر في النتائج، ولذلك في قلبي -كذلك- شجون! :)) -
تجلّى إبراهيم السكران، واستفاض في وصف آفتنا الكبري واللغو الشبكيّ والعمر الضائع والعلم الفائت.
ولو كان الأمر بيدي، لاقتنيت الكتاب ورحت أقلب صفحاته بين يدي أقرأ فيه غدوة وعشيّة، ولطُفت به على من أعرف ومن لا أعرف أستحثّه على القراءة والتدبّر.
إبراهيم السكران تجلّى أسلوب عرضه المنظّم وأسلوبه اللغوى الرصين وعرض أمّ المشكلات وأكبرها وأخطرها، وهي الانهماك في اللا شيء أو الماجريات والمهاترات المنتشرة المترامية حولنا المبتلِعة لجُل أوقاتنا، وأداتها الخطرة العظيمة: السوشيال ميديا.
بيّن بعدها المسافة المترامية بين «فقه الواقع» و«الغرق في الواقع»، وأثر ذلك على التحصيل العلمي وطلب العلوم.
عرض بعدها أربعة نماذج من الشخصيات الجليلة المُفنية عمرها في طلب العلم والاستزادة:
1-البشير الإبراهيمي:
ذكر دوره في مقاومة الاحتلال الفرنسي للجزائر، وحفظه للقرآن وآلاف أبيات الشعر وكتب نثر وهو لم يبلغ العاشرة! وأثر ذلك في معجمه اللغوى الذي غُذّي وأثرِي حتى بلغ مكانة عالية في صك الكلمات وترتيب العبارات جعلت له أسلوبه المميز الفريد.
2- عبد الوهاب المسيري:
ودوره الضخم الهائل في إكمال الموسوعة بعيدًا عن إرهاصات الواقع مُغلقًا على ذاته بابًا عن الواقع المتضارب، سامحًا بالقدر القليل من التسلل إليه حتى ينأى بنفسه عن التقوقع والانغلاق التام.
ونموذجان آخران، مالك بن نبي وأبو الحسن الندوي.
وكانوا كلهم جُرعة مكثّفة من النموذج الاقتدائي والثقل المعرفي، رحمهم الله ورزقنا.
جاء بعدها بنموذج لفريد الأنصاري، لكنّي وجدته غير مجديًا –بالنسبة إلي- فقل حماسي وزاد فتوري عند ذاك الباب، لعزوفي عن السياسة وأمورها وإكثاره من ذكرها والاستفاضة عنها.
رزقنا الله من فضله وأسبغ علينا نعمه وجعلنا ممّن طلب العلم حق طلبه وآثره على شلال الماجريات الجارف. -
قرأت الكتاب المناسب في الوقت المناسب فعلا وما كانت الا صدفة.
دخلت المكتبة ووجدت مصادفة كتاب أبو عمر السكران "الماجريات"
وكان يود ان ينصح ويوجه طلبة العلم والثقافة بحجم ضياع الاوقات في الماجريات السياسية ( الأخبار ) والشبكية ( تويتر وغيره )
وأتى بنماذج بديعة صنعت مشاريع علمية حقيقية وقد نبهت على مشكلة ملاحقة الماجريات ( معارف المتجمهرين )
البشير الإبراهيمي، ابو الحسن الندوي، مالك بن نبي، المسيري، فريد الانصاري
والجميل ان كل و��حد منهم في بلد. وكل واحد له مشروعه المختلف.
الكتاب بديع عموما. -
نُصحتُ بهذا الكتاب أربع مرات ولم أقرأه!
لم أكنْ أفهم عنوانه ولم أستطع تخمين العنوان حتى قرأتُ أولَ الفصول فيه وعلمت أن معنى الماجريات هي كلمة محورة من لفظة "ما جرى" ورغم هذا لم يزل عجبي.
زال حينما قرأت في الكتاب أكثر، في الكتاب يتكلم السكرانُ عن أشد ما يشغل طلاب العلم والبشر العاديين، وهو انشغالهم بما جرى من أحداث سياسية وعسكرية واقتصادية وغيرها، حتى إن كانتْ أحداثًا تافهة لا قيمة لها.
كان ألطف شيءٍ في الكتاب هو النماذج الخمسة التي تكلم عنها إبراهيم السكران كعينة لدراسته، وهم فريد الأنصاري، أبو الحسن الندوي، البشير الإبراهيمي، وعبد الوهاب المسيري، وهم قومٌ استطاعوا أن يكونوا أنفسهم من خلال انعزالهم عن الماجريات.
الكتاب ليس سلسلًا على الإطـلاق، فهو مقسمٌ تفسيم أكاديمي مرهق للنفس جدًا، لكنه مهم يستحق أن تفني فيه روحك، السكران ذو تحليلٍ عميقٍ بعيد النظرة، صاحب مترادفاتٍ جيدة للغاية ومبتكرة أحيانًا.
أحببتُ الكتابَ جدًا، ولن تكون مرة واحدة أقرأ فيها الكتاب وأتركه، وإنما سأعود له مراتٍ ومراتٍ ومراتٍ. -
الكتاب مبهر لي. في بدايته أستغربت إن الكتاب أكثر من 300 صفحة في موضوع كنت متوقعة أنه ملل والوعظ فيه غير واقعي في الغالب. بس أنبهرت ﻻجده يأخذ الموضوع بشكل موسع وفيه واقعية. أستمتعت بدراسة اﻷفراد جدا. وزاد وعي في فهم المسلم المغربي و الهندي من خلال الشخصيتين المذكورين. كانت أول مرة أعرف البشير كذلك :) وأحببته كثيرا.
عمل رائع والجهد المبذول في المحتوى والعرض والكتابة فاق كل توقعاتي.